هل السعودية تتجه نحو التضخم الركودي؟

30/10/2016 1
د. وحيد بن عبدالرحمن بانافع

يعتبر التضخم الركودي Stagflation أحد المشاكل التي تواجه السياسات العامة، وهو يرجع عادة إلى انخفاض جانب العرض الكلي والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار (التضخم) علاوة على انخفاض مستويات الإنتاج (زيادة مستويات البطالة).

وحيث أن متخذي القرار منوط بهم تصحيح الأوضاع الاقتصادية في البلاد عند اختلالها والعمل على إعادتها الى الوضع التوازني، الا أنه ليس من الضروري أن يكون الوضع التوازني الجديد أفضل حالاً عن ذي قبل.

فعلى سبيل المثال يتضح أثر السياسة المالية التقشفية التي اتبعتها المملكة ( والمتمثل في تخفيض الانفاق الحكومي من خلال الغاء البدلات وتخفيض بعض المميزات المالية لموظفي الدولة) في جانب الطلب الكلي، وهو ما يؤدي الى انخفاض القوة الشرائية للقطاع العائلي، والذي يمثل بجانب الانفاق الحكومي أحد مكونات الطلب الكلي.

و ينطوي على ذلك حدوث صدمة في جانب الطلب الكلي تؤدي الى تخفيض الطلب على السلع والخدمات ذات المرونة المنخفضة (سلع وخدمات ضرورية) و الاستغناء عن السلع والخدمات ذات المرونة المرتفعة (سلع وخدمات كمالية)، وعلية فنحن بصدد مستوى توازني جديد له أثرين احدهما إيجابي والأخر سلبي: 

الأول: مستوى منخفض من التضخم (نتيجة انخفاض حجم الطلب الكلي بسبب انخفاض الانفاق الحكومي، والذي انعكس بشكل مباشر على القطاع العائلي بانخفاض قدرته الشرائية)، وهذا يمثل الأثر الإيجابي.

والثاني: حجم انتاج أقل و مستوى عمالة منخفض (زيادة مستوى البطالة)، وهذا هو الأثر السلبي.

ومن ناحية أخرى فإن إقدام الحكومة على رفع الدعم عن أسعار الطاقة سوف يؤثر سلبياً على جانب العرض الكلي (صدمة عرض) نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج الكلية، مما ينتج عنها مستوى توازني جديد يتكون من جزئيين كلاهما يؤثران على الاقتصاد الكلي بالسلب:

الأول: ارتفاع مستوى التضخم (نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج الناتجة عن رفع الدعم عن أسعار الطاقة).

والأثر الثاني: انخفاض حجم الإنتاج والذي يؤدي الى رفع مستوى البطالة نتيجة تسريح مزيد من العمالة، وهذ الأثر يتفق مع الأثر الناتج عن صدمة الطلب والناتجة من السياسة المالية التقشفية.

 

والسؤال هنا هل النتيجة المتوقعة لهذه السياسات ستنقلنا لوضع توازني جديد في الاجل القصير  يؤدي الى بروز مشكلة التضخم الركودي ؟

الإجابة من وجهة نظري تتعلق بوقت حدوث أياً من الصدمتين أولاً، فإذا حدثت صدمة الطلب ثم أعقبتها صدمة العرض فإننا لا محالة سوف نسير باتجاه التضخم الركودي، وعلية فإن التوقيت مهم جداً لتدخل متخذي القرار.

فمما لا شك فيه أن التأثير الآني للسياسات المؤثرة على جانبي العرض والطلب سوف يؤدي للانحدار نحو التضخم الركودي بمعدل أسرع، وذلك يرجع لسرعة استجابة جانب الطلب مقارنة بجانب العرض، ومن هنا  كان من الاولى على متخذي القرار إحداث فترة ابطاء زمنية بين تنفيذ السياسات العامة لكي يستطيع المجتمع امتصاص اثر الصدمة ومحاولة التأقلم على الوضع الجديد، ولكن التعرض للصدمتين معاً يزيد الوضع سوءاً.

خاص_الفابيتا