اجتماع دول أوبك في الجزائر (اتفاق جمّد وأنا أجمّد)

25/09/2016 0
د. أنور أبو العلا

قبل أن أبدأ سأقول بأنه لا يوجد لديّ أدنى شك بأن الجميع – في قرارة نفوسهم – يريدون ارتفاع أسعار البترول لأنهم جميعهم يعانون من عجز متصاعد في ميزانياتهم ويعرفون ان الاستمرار في تغطية العجز بالسحب من احتياطاتهم المالية التي جمعوها خلال سنوات ارتفاع أسعار البترول بدأت تتآكل بسبب انخفاض أسعار البترول وأن الحل الوحيد هو عودة أسعار البترول الى مسارها الطبيعي.

وكخطوة متواضعة للإفصاح عن رغبة جميع الدول المصدرة للبترول في رفع أسعار البترول هو ابداء هذه الدول حماسها للمشاركة في حضور اجتماع يسعى لتحقيق رفع أسعار البترول.

لقد قالت وكالة الأنباء الجزائرية APS وتناقلت عنها الخبر جميع الوكالات بأن الدول الأربع عشرة دولة الأعضاء في منظمة أوبك ستعقد اجتماعا جانبيا في الجزائر خلال انعقاد منتدى الطاقة العالمي الخامس عشر الذي يجمع الدول المنتجة والمستهلكة في الفترة بين 26 – 28 سبتمبر 2016 (بعد أسبوع). 

من الواضح بما أنه اجتماع غير رسمي كما صرح تكرارا عدة مرات رئيس الدورة الحالية لمنظمة أوبك معالي وزير الطاقة القطري محمد السّادة فبإمكاننا أن نستنتج ضمنيا بأنه لا يوجد برنامج محدد مسبقا للمواضيع التي سيناقشها المجتمعون ولا ماهي الدول التي ستحضره بل سينعقد الاجتماع بمن حضر للتشاور والتعرف على وجهات النظر المختلفة وليس لتبني قرارات أو سياسات الزامية للمجتمعين.

لكن عدم اتخاذ اي قرارات الزامية في هذا الاجتماع لا يتعارض مع القول بأن جميع الدول المصدرة للبترول سواء من حضر منها أو من غاب عن الاجتماع وسواء كانت من الدول الأعضاء في منظمة أوبك أو من خارج أوبك يجمع بينهم رغبة مشتركة واحدة هي رفع أسعار البترول للخروج من أزماتهم المالية بسبب طول مدة انخفاض أسعار البترول الذي يمد هذه الدول بنصيب الأسد من تمويل ميزانياتهم. 

على أية حالة فإن اتخاذ قرارات الزامية سواء بتجميد – أو عدم تجميد – الإنتاج لا أهمية لها على أرض الواقع لأن معظم الدول الكبيرة المنتجة والمصدرة للبترول أهمها روسيا وكبار دول أوبك ينتجون الآن قريبا من أعلى طاقتهم الإنتاجية sustainable capacity منذ مدة كافية تتطلب منهم ضرورة اراحة وصيانة آبارهم المنهكة حتى لا تتعرض حقولهم لأضرار قد يصعب تداركها إذا استمر ضخهم للبترول على نفس المستوى الحالي من الضخ.

كذلك من نافلة القول ان نقول ان أمام الدول التي تعتمد إيرادات ميزانياتها على صادراتها للبترول ظروفا صعبة لأن هناك دولا من حقها أن تزيد انتاجها كليبيا التي لا يتجاوز انتاجها الآن 450 ألف برميل في اليوم وتطمح بأن تعود الى حصتها في السابق حوالي 1.6 مليون برميل في اليوم وبالـتأكيد أننا جميعنا ندعو لشقيقتنا ليبيا أن تستقر أوضاعها الداخلية وتعود قريبا الى حصتها السابقة. 

الخلاصة: واضح أنه لا يوجد عصا سحرية تعكس الفائض الى التوازن في سوق البترول. ولا يوجد حل سهل قريب أمام الدول المصدرة للبترول حتى لو تم الاتفاق على تجميد انتاجهم فالتجميد عند مستوى انتاجهم الحالي هو تحصيل حاصل وأن الحل الوحيد هو خفض انتاجهم ليس فقط لامتصاص الفوائض الحالية في أسواق البترول بل أيضا لامتصاص الزيادة المتوقعة من الدول التي تنتج الآن بأقل كثيرا من حصتها لصعوبات داخلية طارئة كليبيا ونيجيريا أما إيران فقد وصل الآن انتاجها الى أقصى طاقتها الانتاجية وليس بإمكانها زيادة انتاجها في المدى المنظور فلا ينبغي أن تكون تصريحات إيران بأنها لن تلتزم بالتجميد عائقا في سبيل التوصل لاتفاق بين الدول الرئيسة فتصريحات ايران لا تعدو أن تكون حفاظا على ماء وجهها من النظر اليها وكأنها تخضع مضطرة لفرض مقاطعة طوعية على نفسها بعد انتهاء المقاطعة القسرية عليها.

نقلا عن الرياض