في غـياب السيولة ،،، شـركاء في الغياب !

25/09/2016 4
خالد كرم

في نـوفمبر 2015 ، أقـر مـجلس الوزراء السعودي نظام الشركات الجديد ، الذي دخل حيز التنفيذ مايو من هذا العام ، وقـد سمح النظام الجديد من خلال المادة رقم 112 ، للشركات المساهمة المدرجة في سوق الأسهم السعودية بشراء أسهمها كأسهم خزانة، بالإضافة إلى ذلك ، سمح المشروع للشركات بإصدار أدوات الدين أو الصكوك التمويلية القابلة للتداول وفقا لنظام السوق المالية. ولأن شراء أسهم الخزانة يعد حق أصيل لكل الشركات المدرجة التي تعتقد أنه من المناسب شراء أسهمها لأسباب عديدة أبرزها : توزيع أرباح للمساهمين على شكل أسهم مجانية ، ولزيادة ربحية السهم بعد خفض عدد الأسهم القائمة مايجعل سعر السهم في السوق جذاب ، بالإضافة إلى إثراء حقوق المساهمين عن طريق زيادة توزيعات الأرباح نتيجة توزيع الأرباح المحققة على عدد أقل من الأسهم القائمة ، ولأن استثمار النقد المتوفر لدى الشركات يعد من أبرز تحديات المدراء الماليين ومدراء الاستثمار ، يتجه أولئك المدراء إلى استخدام أسلوب ( ضرب عصفورين بحجر) ، فبدلا من استغلال النقد المتوفر في ودائع بنكية أو صناديق نقد ، أو الدخول في مشاريع غير تشغيلية ، تعد أفضلية شراء أسهم خزانة خيار استراتيجي و (ضربة معلم ) ، ولو أخذنا فقط ميزة الأثر النفسي على المتعاملين في معرفتهم بقرار شراء الشركة لأسهمها كمقياس وقمنا بتتبع النتائج ، فإن السيولة ستتجه نحو الشركة التي أعلنت عن شراء أسهمها ، وبالتالي استهداف مزيد من المتعاملين ، في مقابل ذلك فإن إدراك أنه كلما زادت نسبة أسهم الخزانة للشركة المدرجة زاد من طمأنة الحشود المتعاملة في السوق على السهم بأن الشركة حريصة على دعم السهم عند مستويات سعرية معينة ، والمحصلة النهائية الجميع مستفيد ، السوق بكافة المتعاملين فيه ، والشركة التي لديها عدة أهداف من وراء الشراء ، من هنا نبحث في الإجابة عن سبب عدم صدور اللائحة التنظيمية التي ستمكن الشركات المدرجة من شراء وبيع أسهمها؟

في أولى جلسات السوق بعد عيد الفطر من هذا العام ، تحديدا في 10 يوليو ، أعلنت شركة المتقدمة عن استحواذها على حصة في شركة مدرجة تجاوزت 10% من صافي أصول تلك الشركة ، ومع إعلان الخبر أرتفع السوق لأربعة جلسات على التوالي مصحوب ذلك الارتفاع بالتكهنات والتساؤلات عن ما هي الشركة التي تم الاستحواذ على 10% من صافي أصولها ؟ ومتى سيتم الاعلان عن أسم الشركة ؟ لاسيما عن تحرك عدد من الشركات التي كانت تحت ورطة (الاشتباه) بأنها الشركة المقصودة، كل هذا حدث وحتى يومنا هذا لم نعرف عن أسم الشركة التي تم الاستحواذ على 10% من أصولها، وقد (تناست) الحشود عن أهمية معرفة أسم الشركة ، إن إيمان شركة مدرجة بأهمية استغلال النقد المتوفر لديها في شراء حصة من شركة مدرجة تتوافق أو لاتتوافق مع طبيعة أنشطتها التشغيلية يعد ذلك من الآثار النفسية الايجابية للوسط الاستثماري في السوق إجمالا ، وفي ذلك دفع بإتجاه متانة الشركات المدرجة وتسويق غير مباشر بأن هناك فرص في شركات واعدة ، وتأكيد على سلامة أنظمة السوق الرصينة، وعلى متانة عمليات الرقابة على تطبيق اللوائح لاسيما سلامة إجراءات الحوكمة ، ماذا لوعرفنا أن شركة المتقدمة على سبيل المثال قد حصلت هي وغيرها من الشركات في ذلك اليوم على موافقة الجهات النظامية بشراء أسهمها كأسهم خزانة؟.

في عام 2015 ، كانت لدينا موجة من الموافقات الرسمية على طـرح عدد من الصناديق المتخصصة في الطروحات الأولية ، وقد سعى غالب الأشخاص المرخص لهم بالسعي للحصول على رخصة تشغيل ذلك النوع من الصناديق ، حتى فاق عدد تلك الصناديق تحديدا 30 صندوقا ، ولأني من العاملين في ذلك القطاع ، كنت أحرص على متابعة ومعرفة الكيفية والآلية التي يقوم بها مدراء الصناديق في إدارة مكونات الصندوق التي تفرض اللوائح باتباع منهجية في توزيع النقد ، وتوزيع نسب للأسهم المدرجة لآخر سنوات محددة ، وكذلك الاستثمار في صناديق مشابهة ، كانت التقارير المنشورة رغم تبيان معلوماتها تشير إلى عدم وضوح إتجاه مدراء صناديق الطروحات الأولية ، كنت أتسائل ما الذي يدفع غالب الشركات المرخص لها لإتباع (فكرة) وهناك عدة أفكار لمنتجات استثمارية ؟ كنت أتابع أداء صندوق IPO تابع لبنك تقليدي ، ولا أنسى أنه قد حقق خسائر منذ الانطلاقة رغم حجم الأموال المجمعة الكبير والذي تصدر وفاق كافة صناديق الطروحات الأولية وحتى يومنا هذا، اليوم ، وبعد (ماراثون) حصول غالب الشركات الاستثمارية على رخصة تشغيل صناديق IPO أصبحت نتائج السواد الأعظم منها بالسالب ، مما أثر ذلك على ثقة المستثمرين الذين بدأو يتراجعون ، ولربما ستقوم عدد من الشركات بتغيير خارطة صناديقها أما في إغلاق صناديق الطروحات الأولية أو تغيير أهداف تلك الصناديق ، ولعلى تراجع أصول صناديق الاستثمار قاطبة بواقع 2% والتي نشرت في موقع أرقام نذير لقادم الأيام ، يأتي ذلك في وقت أقرت فيه الهيئة تعليمات جديدة في بناء سجل الأوامر وتخصيص الأسهم ، وبالتالي أصبحت تحديات مدراء الصناديق كبيرة في إدارة صناديق الطروحات الأولية ، تحدي العدد الكبير من تلك الصناديق (الميزة التنافسية ) ، وتحدي إدارة النقد في أسهم مدرجة أو في ودائع وصناديق نقد ، كمراقب أضع تساؤلاتي على الطاولة أين إدارات تطوير المنتجات في تلك الشركات ؟ ما الفائدة المرجوة من تكرار طرح صندوق (مكرر الهدف) ؟ ألم تكن هناك فرص لأفكار بديلة ؟ ألم تكن هناك طرق عديدة لحث الجهات النظامية على طرح صناديق تحوط على سبيل المثال ؟ ألم تشكل عدة لجان تنسيقية بين مدراء إدارات الأصول وبين هيئة السوق المالية للتنسيق على عدة محاور أحدها كان بناء سجل الأوامر للاكتتابات الأولية والذي نشر مؤخرا ؟ لماذا تعين الشركات المرخصة مدراء تطوير منتجات في وقت لم نشاهد فيه أي منتج فريد خلال السنوات الخمس الأخيرة ؟ يقول أحدهم ، الأنظمة لاتسمح ، الآليات غير متوفرة ، اللوائح غائبة لطرح منتجات ذات طبيعة خاصة ، كل هذا في الحسبان ، ماذا عن ماهو قائم ؟ على سبيل المثال ، لدينا ثلاثة صناديق مؤشرات متداولة ETFs  مدرجة ، من منعنا من إنشاء صندوق يستثمر فقط في تلك الصناديق ؟ ها هو البيع على المكشوف قادم للسوق ، ماذا عن استعدادات قطاع الوساطة ؟ وإدارة الصناديق؟ الهيئات النظامية في كل العالم لاتعمل بمفردها ، تحقق تطلعات ورغبات العاملين في الوسط الاستثماري بناء على دراستها واحصائياتها وبحوثها ومعرفتها لمدى تطلعات الجمهور والمتعاملين.

الصناديق السيادية في كل أسواق الأسهم وجودها لتحقيق ربح سواء كان ذلك على فترات قصيرة أو طويلة ، ومدراء تلك الصناديق لديهم تكتيكات وفنون في إدارة أموال الحكومة الموجهة للسوق ، ولديهم تحليلات وآفاق في كيفية توزيع وإدارة السيولة، اليوم كثر الحديث عن غياب الأموال المتدفقة للسوق من تلك الصناديق لاعتبارات تعود لتراجعات أسعار النفط ، وتراجع الانفاق الحكومي ، ليكن ذلك أو غيره ، فهذا يعد من  التصرفات المشروعة لمدراء الصناديق السيادية ، السؤال : أين الصناديق الملكية الخاصة والتي تدار من قبل مدراء محترفين في الشركات الاستثمارية ؟ أين سعي الشركات الكبيرة وتحديدا التابعة للبنوك في استقطابها لعملاء من شركات وبنوك عالمية ؟ لم أقرأ لشركة واحدة قد قامت بفتح محفظة استثمارية لشركة أجنبية قبل وبعد إقرار القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات الأجنبية المؤهلة في الشركات المدرجة، والتي تم تعديلها بناء على مطالب العاملين في هذا الحقل ، ومن شركات استثمارية مملوكة لبنوك بكل تأكيد.

إن الواجب على الشركات الاستثمارية المرخص لها في استقطاب عملاء من أفراد وشركات وبنوك يعد عامل مشجع لقيام الصناديق السيادية بضخ سيولة أكبر وليس العكس ، حيث أن من عوامل اختيار الأسواق لدى المؤسسات سواء كانت محلية أو عالمية هو دراسة المخاطر ، ومنها مخاطر الدول والجغرافيا ، متى ما استطاعت إدارات الابحاث في توفير دراسات تشير إلى جدوى الاستثمار في السوق واستطاع فريق التسويق إقناع المستثمرين الاجانب في انتهاز فرص تواجدهم في السوق متى ما شجع ذلك الحكومة ممثلة بصناديقها بضخ المزيد من الأموال لإدراكها إن السوق أصبح بيئة ناضجة والمتعاملين على وعي كبير بأهمية الاستثمار في شركات تتوفر فيها أغلب شروط الاستثمار ، نعم ، الدور على الشركات أولا ثم على مدراء الصناديق الحكومية ، وليس العكس كما يظن الكثير.

أكتب في وقت يشهد فيه السوق تراجع في أحجام السيولة بشكل تدريجي منذ مايو الماضي حتى يومنا هذا ، وأصبحنا نتسائل هل فقدنا الميزة التنافسية بين أسواق الشرق الأوسط قاطبة ؟ ألم نكن في صدارة السيولة المتدفقة بشكل يومي ؟ تلك الميزة التي كانت انطلاقة لأي مستثمر يرغب أن يتعامل في سوق الأسهم السعودية ، صغار المتعاملين ليس لديهم أي دور تجاه خلق سيولة شبه منتظمة في السوق ، رغم أنهم ملح السوق ، ورغم تعاملهم الدائم في التداول عبر الهامش ، وحضورهم الكبير حين يقر البيع على المكشوف وغيره من المنتجات الاستثمارية ، لذلك أعتقد أن خلق سيولة شبه منتظمة يعود على عاتق الشركات التي لديها عاملين متخصصين ومحترفين في خلق منتجات تولد سيولة ، وفي إيجاد أفكار تستقطب سيولة ، ويعود على إدارات تطوير المنتجات والمشورة تحدي البحث والاحصاء عن ماهي المنتجات المرغوبة بين أوساط المتعاملين ، كما يجب أن تلعب الجهات النظامية وتحديدا هيئة السوق المالية دور المستشار في خلق قطاعات استشارية تعمل بشكل متوازي مع الشركات المرخص لها في دراسة الأفكار والمنتجات التي من شأنها تعمل على خلق سيولة شبة منتظمة ، بالإضافة إلى ماسبق ، يجب تحديد موعد محدد لطرح منتجات تحدث ونادى بها العديد ، إلى ذلك الحين نعلق السؤال : من هم الشركاء في غياب السيولة ؟

خاص_الفابيتا