أنا متفائل

20/09/2016 11
فواز حمد الفواز

كل عام و أنتم بخير . عيد سعيدا و حج مبرور و ناجح و عاما جديد يبدأ بصفحة جديدة لكتاب التاريخ الطويل والمستقبل الواعد .

التفاؤل والتشاؤم حالة وقتية غير مستقرة تكون نتاج مزيج من الوضع الشخصي وقراءة ما يدور حولك حسب محيط الدائرة التي تشغلك  .

فهو محصلة لعوامل مادية ومعنوية و نفسية تنتهي بتقدير ما لدرجه الثقة . نظريا يهتم الاقتصاد الكلي " بالتوقعات العقلانية " ودورها في الحراك الاقتصادي وأدوات إدارته .

للحالة النفسية ( التفاؤل و التشاؤم ) دور أساس في هذه التوقعات و لكنها في الأخير اختزال لما يشعر به الناس فرديا وجماعيا حسب قراءاتهم لأوضاعهم .

الكلمه العملية هنا أنها " غير مستقرة " إذ انها قابلة للتغير بسهولة وبسرعة أحيانا لأسباب مادية أو معنوية  صغيرة . هذا التوصيف ينطبق على كل المجتمعات مع اختلاف مؤثر على بواعثة الثقافية و التاريخية وقدرته على التحمل و الصبر واختلاف محاور العقلانية و العاطفية في كل مجتمع .

هذه المحاور هي ميدان المزاج العام . التفاؤل و التشاؤم يسبح في ميدان المزاج العام . المزاج العام وسط ثقافي أكثر استقرار من حالة التشاؤم و التفاؤل .

خاصة أن التفاؤل والتشاؤم يحكمه أكثر الحالة الشخصية والتي عادة تأخذ صوت أعلى في مجتمع تنقصه القدرات التعبيرية والصراحة أحيانا .

تحليليا لما يعمل المجتمع بأقل من كفاءته الاعتيادية تكثر القيل والقال وبالتالي تزيد النزعة للحالة العاطفية على حساب العقلانية .

ولكن ايجابيا يقابل ذلك مرونة لدى السعودي على جميع المستويات لعل مردها بيئة الصحراء الصعبة وحداثة تجربة الإشباع المادي.

 أنا متفائل  لعدة أسباب . أولا هناك حراك  قيادي ومجتمعي على أكثر من صعيد . مركزية القرار الاقتصادي وزحزحته من الفضاء المالي إلى الاقتصادي خطوة نوعية في الاتجاة الصحيح . لن تكون في خط عمودي مستقيم لأسباب عملية و لكن التوجه أهم .

على مستوى أعمق  لم تكن هناك تجربة استعمارية في المملكة و بالتالي كان الاقتراض من تجارب الآخرين التنظيمية  أقل سرعة و لكن يقابل ذلك أيضاً نزعة مثالية لدى العربي تجدها في نقاش المجالس  الخاص و العام حول قضايا الشأن العام .

هذه النزعة ليست إصلاحية فقط ولكنها شمعة مضيئه تزداد نور أو عتمة حسب الأداء المستقبلي ولكنها تعبير عن رغبة عارمة وصادقة للتقدم  تعطي للحياة معنى .

لا أعرف حيثيات هذه النزعة لعل خبراء علم الاجتماع والحياة لديهم طرح يكشف عنها . يقابل هذه النزعة خوف من المستقبل و لكن الخوف  محفز بشرط أن لا يخضع لمراهنة خادعة بين دور إطفاء الحرائق والحلول طويلة الأجل .

المراهنة الخادعة أصيلة بمعنى أنها امتداد لعقلية البدوي في انتظار المطر ( النفط هو المطر الحديث  في سلم الزمن التاريخي ) ، فهو صبور و لكنه مستعد لإعادة الكرة في نسق واحد ولذلك لم يحقق اختراق نهضوي بسبب عدم تراكم المعرفة و الانجازات .

الأمل أن يحافظ على خاصية الصبر و شمعة النزعة المثالية ومقاومة الخيار الخادع  بين المدى النفعي القصير والنهضوي البعيد ، هذه خيارات قيادية و مجتمعية مصيرية .

سوف يختلف الكثير حول مسببات التفاؤل و الجزيئات المتناقضة أحيانا والتي جزء من عملية التقدم . إذا وظفت عدسة  الاقتصادي الدقيق فسوف أجد من العيوب والنواقص ما يزعجني و لكن المجتمع أكثر من الاقتصاد .

فكم تعرف من محدود دخل مليء برحابة الصدر و الطموح و الأفق وثري قلق ، وكم من فني يساهم وكم تاجر يحاول تعظيم المصلحة الشخصية على العامة دون قيمة مضافة للمجتمع . من أسباب التفاؤل أيضاً قبول في تغيير المراكز على جميع المستويات  بالرغم من نزعة العربي للغلبة كما ذكر الوردي في تحليل الشخصية العربية .

ثانيا الحالة المالية جيدة وممكن السيطرة عليها كما نشهد الآن مهما تشكى البعض وازدادت مخصصات المصارف .

أنا أيضاً متفائل لأن وضع المملكة المقارن إقليميا ليس سيء  بما في ذلك الحالة في اليمن، كل الدول المؤثرة في وضع أصعب  ليس اقتصاديا فقط ولكن في سلاسة العلاقة مجتمعيا و أحيانا السلم المجتمعي .

أنا متفائل أيضاً لأن هناك تفاعل قيادي على مستوى الخطاب الثقافي وحول دور المرأة وعلى تغير في أفق الخطط الطويلة الأجل .

سوف تجد فرصة و سهولة في نقد كل شيء و أي شيء و لكن المنصف سوف يجد حراك و نهج جديد قد لا يرضي النزعة المثالية كما ذكرت أنفا و لكنه أيضاً يلتقي مع ما يريد الخصوم ، إذ لايمكن تقليل دور الخصوم في الهجوم المعنوي و النفسي ، فهذا جزء من آليات الصراعات بين الأمم .

يقابل التفاؤل تلاقي هذه التيارات السلبية التي تجد بئية مؤاتية حين  لا نفرق بين السياسات ( البرامج العامة) و بين السياسة ( المناورات والخدع و المكر ) .

يزيد رصيدنا بالاعتماد على بعض و تعظيم المقومات المادية و المعنوية و قبول نتائج الفرز المبني على هيكل حوافز صحي .

خاص_الفابيتا