اليد الخفية ..!!

18/09/2016 10
سهيل بن احمد الدراج

في كتابه ثروة الامم اشار (ابو الاقتصاد وابو الرأسمالية) الفيلسوف الاقتصادى الاسكتلندي أدم سميث الى نظرية (اليد الخفيه)، ويقصد بها المصلحة الفردية التى ستدفع الافراد الى التنافس لتحقيق وتعظيم مصلحتهم، وهذا سيقود حتما الى المصلحة العامة .. وبالتالي فانه يجب على الحكومات الا تتدخل مطلقا في الانشطة الاقتصادية، وان التوازن الاقتصادي سيحدث بشكل طبيعى في وقت ما في المستقبل بشكل حتمي .. ولا يدعوا ادم سميث وفقا لذلك الى الانانية عندما يتحدث عن المصلحة الفردية، بقدر مايرى انها اليد الخفية والمحرك الحقيقى لانتاجية الفرد التى ستقود الى تعظيم وتراكم الانتاجية الجماعية، وبالتالي زيادة دخل المجتمع والاقتصاد الكلى ..

على النقيض من ذلك ، فان الاشتراكية التى نادي وبشر بها كارل ماركس الالماني اليهودي كانت تهدم الفروق الفردية وترى ان الموارد الاقتصادية ووسائل الانتاج يجب ان تكون مملوكة من قبل الدولة ، ثم بعد ذلك تنتقل الى ملكية الشعب وبعدها تصبح مشاعا بين الناس وهى مرحلة الشيوعية .. وهذا بالطبع سيؤدى الى مساواة العامل المجتهد بالعامل السيء فلا حوافز ولا فروقات فردية ولا تنافسية ، وفى النهاية ومع مرور الوقت سيتحول الافراد دون ان يشعروا الى الآت ذات انتاجية متقاربة ..

وفى مناطق اخرى من العالم وخصوصاً في الوطن العربي الكبير لم نكتفى باذابة التميز الفردي وجعل انتاجية الافراد متقاربة كما في الاشتراكية، او تعظيم التنافسية كما في الراسمالية، بل تعداها الى ايجاد نظريات خاصة تسحق التميز والمتميزين، وتحطمهم ليكونوا في القاع، وبذلك نكون قد نجحنا في الوطن العربي وبامتياز من ابتكار نظرية (يد خفية جديدة) خاصة بتدمير وتهجير العقول والمواهب، حتى اصبحت العقول المهاجرة الى الغرب هى من تقود في كثير من الاحيان الصروح العلمية، واكتفينا بان يكون المتميزين لدينا فئة من اصحاب الحظوة والنفوذ ..

وعوضا عن تشجيع التميز والمتميزين في المجالات العلمية والاقتصادية والرياضية والفنية، اوجدنا بيئة طاردة للعقول ذات التميز والابداع والفكر والابتكار، وفى نفس الوقت انتجنا بيئة حاضنة للعقول المزيفة (الا مارحم الله) التى يراد لها ان تكون متميزة بالقوة .. وانتهينا الى اقتصاد عربي مكون من 22 دولة ذو تعداد سكاني مقارب لتعداد سكان الولايات المتحدة، وذو ناتج اقتصادي مجتمع لا يتجاوز 15% من الناتج الاقتصادي للولايات المتحدة ..!! 

ان مفهوم اليد الخفية عندما يذكر عند الغرب يتبادر الى الذهن على الفور (ادم سميث) ونظريته العظيمة ، لكن كلمة اليد الخفية عندما تذكر عندنا في الوطن العربي يتبادر الى ذهننا يد المؤامرة التى امتدت الى كل شيء حتى وصلت الى محاربة المتميزين في عملهم بحجج واهية ما انزل الله بها من سلطان .. ودائما ما نستخدم ذريعة وقصة النظام والنظام، والواقع ان هذه الكلمة اصبحت مرادفة للقمع والعنصرية والفشل .. دعونا نحافظ على التميز والمتميزين ونكرمهم وننزلهم منازلهم قبل ان تهاجر عقولنا الشابة الى بلاد اليد الخفية الحقيقة وليست المزيفة، فقد هرمنا ونحن ننتظر هذه اللحظة التاريخية ..!! 

فى امان الله ..

خاص_الفابيتا