خارطة استثمار عمانية

28/08/2016 1
آن بنت سعيد الكندي

مشهد استثماري جديد للسلطنة بدأت ملامحه بالظهور سيضيف أنشطة جديدة متنوعة مما يفتح آفاق استثمارية جديدة. ؛ مطار مسقط الجديد ومركز عمان للمعارض الذي يتوقع افتتاحه قبل نهاية العام 2016 سيُدخل السلطنة بخطى واثقة نحو سياحة المعارض والمؤتمرات على نحوٍ عالمي.

إن دخول السلطنة في هذا النوع من الأنشطة يعني انفتاحًا سياحيًّا أكبر، مما يتطلب استثمارات أكثر في البنية التحتية لقطاع السياحة.

سياحة المعارض والمؤتمرات تشهد تنافسا كبيرًا اليوم؛ فبالإضافة إلى دبي نرى ظهور حراك ثقافيٍّ تشهده الدوحة لكثير من المؤتمرات المتخصصة، لذا حتى تستطيع السلطنة اقتناص الفرصة لابد من استثمارات موازية، وأهمها في المجال الترفيهي.

وبما أن زائر المعرض لا يأتي فقط لحضور فعاليات المؤتمرات فمن الخطأ الاعتقاد أن سياحة المعارض تقوم لمجرد توفير المباني الراقية، فهناك منظومة متكاملة من العوامل والمقومات منها شركات طيران متطورة، بخطوط جوية متعددة الوجهات، ومجموعة فنادق بجميع المستويات، كما يجب أن يوازي توفير كل ذلك قوانين لتسهيل حركة البشر والبضائع، وخدمات أمنية متطورة قادرة على احتواء هذا الزخم.

وبطبيعة الحال فإن توسعًا كهذا يجب أن يواكبه توسعٌ في الطرق مع وجود مواصلات حديثة والأهم من ذلك الارتقاء بالخدمات اللوجستية لخدمة زوار المعارض. سياحة المعارض يجب أن يساندها أيضًا مجالات ترفيهية متعددة منها -على سبيل المثال وليس الحصر-المراكز التجارية التي تضم تحت سقفها أكثر من مجرد تسوق.

جميع هذه المجالات لابد أن تصاحب التطور السياحي المتوقع في السلطنة، لذا فإن آفاق الاستثمار عديدة.

إن الفرص الاستثمارية لا تقف عند هذا الحد فحسب، إذ أن المقومات السياحية للسلطنة تؤهلها لتكون واجهة سياحية فريدة بحكم ما تتمتع به من طبيعية جغرافية تتنوع ما بين الجبل والسهل والبحر مما يجعلها وجه للسياحة الجيولوجية بامتياز.

السياحة الجيولوجية (Geotourism) مصطلح جديد يمثل توجهًا أكثر شمولية، حيث يجمع ما بين المقومات الجيولوجية والسياحة الأثرية وهما حاضرين بقوة في السلطنة.

تنتشر المواقع الأثرية والجيولوجية في أغلب مناطق السلطنة، وإذا ما أردنا أن نكون أكثر تركيزا ولتوضيح المقصود بالسياحة الجيولوجية فلنأخذ على سبيل المثال المواقع الأثرية الممتدة في محافظة الداخلية والتي تُوّجت مؤخرًا بموقع “سلوت” الأثري الذي يمثل أحد أهم الاكتشافات الأثرية في جنوب شرق شبة الجزيرة العربية.

عندما ننظر لهذا المشهد لنتعرف على المقومات المكمّلة للسياحة الجيولوجية سنراه شبه مكتمل في هذه المحافظة، فإذا أخذنا بالاعتبار أن هذا النوع من السياحة له بعدًا معرفيًّا ثقافيًّا يزوره المختصون والباحثون وطلبة الجامعات والمدراس فإن هذا المشهد الثقافي المعرفي هو في الأساس جاهز لانطلاقة متميزة بوجود معلَمين حضاريين متمثلين في مكتبة حصن الشموخ، وكلية السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

هذه المعالم الحضارية بحاجة إلى خارطة استثمارية تدعم بلمسات سياحية لتعظيم الاستفادة منها، مع الأخذ بالاعتبار أن المنتجات السياحية دائما يجب أن تصاغ بنظرة تكاملية مبنيّة على المقومات التي تمتلكها أي بلد.

دول عديدة تحيط بنا لم تتمكن حتى الآن من استغلال مقومات السياحة الجيولوجية فهي سوق تخصصية (niche market)، لذا سيكون من السهل على السلطنة التنافس في هذا المجال بقوة بتوفر عوامل الاستقرار والأمان التي تفتقدها هذه الدول بعد أحداث ما يسمى بـ”الربيع العربي”.

كانت هذه لمحة خاطفة للنزر اليسير من المقومات التي تمتلكها السلطنة والتي هي بحاجة إلى استثمارات مكثفة في مجالات سياحية جديدة (Greenfield Investment).

هذه الفرص الاستثمارية، سيكون مجديًا وضع تصورٍ شاملٍ لها ضمن خارطة استثمارية للسلطنة مع تحديدٍ واضحٍ لهذه الفرص عبر معرض استثماري دولي يعقد هنا في السلطنة إيذانا بانطلاقة للمشاريع الانتاجية البعيدة عن النفط والغاز.

نقلا عن إثراء العدد الثالث 2016