ارتكبنا عدة أخطاء اقتصادية

24/08/2016 14
فواز حمد الفواز

اغلب الأخطاء الاقتصادية تكون واضحه بعد فترة طويلة من وقوعها. يسهل التحليل واللوم بعد ما تتغير الظروف وأحيانا الاشخاص ولكن هذا لا يأخذ من اهمية معرفة الأخطاء.

معرفة الأخطاء تمهد للتصحيح من ناحية وتثري التجربة من ناحية اخرى.

الظرف التاريخي الاستثنائي في المملكه جعل بعض الأخطاء مقبوله لأسباب موضوعية. اكبر خطأ مقبول كان قبول التوسع الاقتصادي بأكثر من قدرات المكونات الاساسية مثل الطاقات البشرية والمؤسساتية والبنيه التحتية احيانا.

اقول مقبول ليس بسبب توفر المال فقط ولكن لسببين الاول للحاجه الماسة لنقلة نوعية اقتصادية لبلد متواضع الحالة اقتصاديا والثاني اكثر ارتباطا بالعوامل السياسية والأمنية.

ولكن من ناحية عملية اصبحنا رهينه لهذا التوسع. سوف ارجع لهذة النقطة لاحقا.

الخطأ الثاني اننا لم نفرق بين دولة الرفاه وهياكل التحفيز الطبيعية عند البشر. حجم عوائد النفط ورغبة الحكومه في توزيع الثروة وصغر حجم السكان نسبيا جعل دول الرفاه تمتد لأكثر من جيل مما غير العادات والطباع وأبعد الناس عن التحفيز الطبيعي.

هذا الابتعاد أضعف الروابط بين التعليم والاقتصاد وجعل الشهادة اهم من المعرفة الى حد ان الغالبية تذهب للتعليم الجامعي دون التأهيل الكافي.

الخطأ الثالث كان في سياسة توزيع الاراضي منذ خمسة عقود تقريبا، أصبح التوزيع جائر تدريجيا الى حد الضرر بسمعة الكثير ولكن الضرر ليس لمردوده المادي فقط ولكن في تآكل الحوافز وتبعات العدالة والتخطيط العمراني.

الخطأ الرابع كان التساهل في الاستقدام واستعداد الحكومه ان تعوض المواطن بالتوظيف قدر الإمكان.

هذة العلاقة التبادلية احيانا والتكاملية احيانا اخرى جعلت السياسة العمالية على درجه من الفوضى وأعطت رسائل قاتله للكثير من رجال الاعمال وطالبي العمل.

الخطأ الآخر أن مصروفات الحكومه لم تكن مستقرة بالرغم من اليقين في أن دخل النفط متأرجح وبحدة احيانا (الميزانية لاتزال تصدر سنويا فقط بينما الدورة النفطية أطول).

ما يجمع اغلب هذه الأخطاء ان التوسع لايمكن ان يكون متناسقا، التوسع هو الوجه الآخر للدعم ولكن الدعم غالبا صعب الادارة.

فلم يفرق بين المستقدم فرضا لفترة مؤقته والمواطن ولم يفرق بين الغني والفقير (بل غالبا ساهم في زيادة الفجوة بين الغني و الفقير) ولم يفرق بين فترة واخرى لمن تعود على مستوى من الحياة.

تحليليا يصعب التراجع عن التوسع (كأنك تطالب بدرجه من التراجع الاقتصادي) واعادة وتيرة الحراك الاقتصادي الى نقطه بداية جديدة.

كما انه صعب على صاحب القرار خاصة ان من بدا بالنمو لم ينتظر لتصحيح الأخطاء و بالتالي يصعب مهمة صاحب القرار قبول هذة النصيحة.

كما ان التوسع جاء على حساب التعميق ولذلك لم يعطى التعميق الاهتمام المستحق، فلم تكن الإنتاجية او القيمه المضافة الاهتمام لمدة طويلة و لعلها مستمرة حتى اليوم. 

سبق وان تصدت المملكه لمشاكل ماليه واقتصاديه في الخمسينات والثمنينات من القرن الماضي. تحدي اليوم مختلف اساسا في النوعيه والى حد اقل في الدرجة.

في ميدان الحل لابد من استشعار المرحلة، فمثلا لم يعد عدد السكان قليلا حين بدأت هذة الاخطاء و تغيرت الحالة النفطية ولكن  لازال هناك من يراهن على عصر نموذج مستهلك.

ليس الهدف من هذا الجرد ان نلوم احد او التمتع بالتفكير بعد التطورات اللاحقة ولكن اعادة تنظيم البيت الاقتصادي برمته. لازال لدينا فرصه لإعادة الترتيب ولكن لابد ان تكون محاولات نابعه من الداخل واكثر جدية.

خاص_الفابيتا