تأثير أحداث تركيا على أسواق البترول

24/07/2016 0
د. أنور أبو العلا

تركيا ليست دولة منتجة ومصدرة للبترول، كذلك تركيا ليست هي دولة مستوردة مهمة للبترول، لكن تركيا هي أحد المعابر الرئيسة المؤثّرة التي ينتقل من خلالها البترول.

تعتبر تركيا حلقة الوصل لنقل البترول والغاز بالسفن والأنابيب من روسيا والقوقاز والشرق الأوسط (العراق وإيران) الى البحر الأبيض والمحيط الاطلسي لتلبية احتياج العالم الصناعي للطاقة

لا تكاد تركيا أن تنتج شيئا من البترول فلا يتجاوز اجمالي ما تنتجه من البترول 43.5 ألف برميل في اليوم كذلك استهلاك تركيا للبترول منخفض مقارنا بدول ال OECD الأخرى فلا يتجاوز استهلاكها للسوائل 712 ألف برميل في اليوم، ويبلغ احتياطي البترول المؤكد في تركيا حوالي ربع مليار برميل فقط.  لكن هذا لا يعني بتاتا أنه لا أهمية لتأثير تركيا على أسعار وأسواق البترول.

 لقد كانت تركيا في الماضي القريب تستورد معظم استهلاكها للبترول من روسيا لكن أخذت واردات تركيا للبترول من روسيا تنخفض تدريجيا الى أن أصبحت عام 2014 لا تتجاوز 3 % بسبب تفضيل روسيا تصدير بترولها الى دول آسيا فتحوّلت تركيا الى العراق وإيران لتستورد أكثر من 50 % من وارداتها بالتساوي مناصفة بين العراق وإيران، بينما يأتي 10 % من المملكة و8 % من نيجيريا و6 % من كازخستان و5 % من الدول الأخرى وحوالي 10 % فقط يأتي من انتاج تركيا المحلي (المصدر EIA).

لكن رغم أن وزن تركيا في صناعة البترول ضئيل الا أن وزن تركيا في التأثير على أسواق البترول ثقيل أثقل من كثير من الدول التي تنتج أو الدول التي تستهلك البترول بسبب عبور ما يقارب 3 ملايين برميل يوميا من المناطق المنتجة الرئيسة للبترول الى أهم المناطق الصناعية عبر الأراضي التركية.

لذا عقب الاعلان مباشرة عن الانقلاب في تركيا ارتفعت أسعار البترول المستقبلية في نيويورك ولندن وهونغ كونغ فجأة بنسبة تتجاوز 2 % وتوقع المحللون – إذا استمرت الاضطرابات – أن يكون لها تأثير كبير على امدادات وأسعار البترول. لكن سرعان ما اطمأنت الأسواق وعادت الاسعار الى انخفاضها التدريجي – بسبب زيادة انتاج بعض دول اوبك – بعد أن أكّدت الجهات الرسمية المعنية في تركيا بأن موانئ ومضايق نقل البترول في تركيا عادت لتعمل بشكل اعتيادي وأن شحنات البترول الخام من العراق وأذربيجان استأنفت تدفقاتها بدون معوقات الى ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض.

من حُسن حظ الدول المستهلكة للبترول أن الأزمة التركية لم تدم غير ساعات معدودة بعد أن تم حجز 10 ناقلات بترول من عبور المضايق التركية لعدة ساعات قبل ان يتم استئنافها لا سيما أنه لا يوجد لدى الدول المنتجة طاقة انتاجية فائضة كافية لتعويض النقص في امدادات البترول المفاجئة.

الخلاصة:

هذا يوضح مدى أهمية استقرار أسواق البترول للاقتصاد العالمي فلا يقتصر تأثير البترول على الاقتصاد العالمي بالأحداث التي تحدث في الدول المنتجة والمصدرة للبترول او الدول المستوردة والمستهلكة للبترول بل يمتد تأثيره كأصابع الإخطبوط حيث يوجد سبعة معابر استراتيجية موزعة بقدرة إلاهية عادلة (وكأنها بفعل ارادة الانسان) في أنحاء الكرة الأرضية. هذه المعابر السبعة مرتبة حسب أعداد السفن وشحنات براميل البترول التي توزعها على دول العالم كالتالي: مضيق هرمز (الخليج العربي)، مضيق ملقا (جنوب شرق آسيا)، قناة السويس (البحرين الأحمر والأبيض)، باب المندب (البحر الأحمر)، المضايق الهولندية (أوروبا)، المضايق التركية (البوسفور والدردنيل)، قناة بنما (الأميركتين).  

الذي يجعل لهذه المعابر أهمية قصوى هو أن 56.5 مليون برميل من البترول يتم ضخها يوميا عبر هذه المضايق كالشرايين في قلب اقتصاد دول العالم وفقا لعام 2013.

نقلا عن الرياض