هل القطاع الخاص «الإطار» الاحتياطي؟

21/07/2016 1
د. إحسان بوحليقة

هل قطاعنا الخاص يُمارس دوره كاملا؟ لا. لماذا؟ لعل أهم سبب لذلك هو أن أحدا لم يحدد للقطاع الخاص دورا! ولذا، فلعل السؤال الأصح: ما الدور المطلوب من القطاع الخاص ممارسته؟ السؤال الآخر: على عاتق مَنّ تقع الإجابة عن السؤال السابق؟

وباعتبار أننا دولة نامية تسعى للتنمية الشاملة، فالحكومة تدير ملف التنمية، وعليها طرح إجابة عن السؤال؛ إذ إن تحديد دور القطاع الخاص يتحقق من خلال وضع رؤية وأهداف، تُقننها قوانين ولوائح وسياسات تَسنها الحكومة.

أما ترك الاجابة للقطاع الخاص فليس خيارا، فاستدامة منشآته تقوم لتحقيق الربح، وما يستتبع من سعي لتقليص المصاريف ولزيادة الإيرادات.

وليس الهدف تعريف الدور المطلوب من القطاع الخاص تقييد حركته بالتدخلات وإثقال كاهله بالمصاريف مما يحد من قدرته على الإنتاج وقد ينفره من الاستثمار محليا، بل الهدف رسم دور لشراكة تَدفع بالقطاع الخاص ليحقق الأهداف الاقتصادية للبلاد.

وبالقطع فإن التدخل الحكومي في الممارسة الاقتصادية غير محبذ إلا لضرورة، وبما يعزز التنافسية في الأسواق؛ كفاءة الإنتاج والابداع، وهذان يؤديان إلى سعي المنتجين لعرض بضائعهم وخدماتهم على الزبائن ليس فقط بأفضل سعر بل والتنافس لتحسين خدمات ما بعد البيع، والعمل حثيثاً على التطوير رغبة للفوز بالزبائن.

السؤال: هل أسواقنا المحلية تنافسية؟ كذلك لا، وهذا يجعل الكلمة الفصل في السوق -إجمالا- للبائع وليس للمشتري، باعتبار أن عدد البائعين محدود.

ونجد هذا واضحا في أنشطة كالبنوك والألبان، على سبيل المثال لا الحصر. ولابد من بيان أن التنافسية في السوق تعني في أبسط معانيها حرية دخول وخروج المستثمرين للسوق وفق ضوابط توازن بين مصالح الأطراف ذات الصلة، وذلك غير متحقق في أسواقنا لاعتبارات عديدة، مما يجعل القطاع الخاص لا يقوم بدوره كاملاً.

وحتى يقوم بذلك الدور فعلى مجلس حماية المنافسة أن يَنظر في الأسواق ومدى التنافسية فيها، فهذا ضروري ليس فقط لاستقطاب استثمارات القطاع الخاص، بل من أجل تحقيق حماية المستهلك بجعل المنتجين يتنافسون من أجل تقديم الأفضل له، فالاحتكار واحتكار القلة يحدان من كفاءة الأسواق حُكما.

والقطاع الخاص لا يقوم بدوره لعدم التمييز اقتصاديا بين منشآته، وهذا يستوجب توضيحا. وإن كان من تمييز فيجب ألا يكون ارتكازا على جنسية رأس المال والمقرّ، باعتبار أن ذلك لا يعني بالضرورة تحقيق منفعة اقتصادية للبلاد.

بل يجب أن تتحيز الأنظمة والسياسات للمنشأة، التي تستخدم مستلزمات الإنتاج المحلية بكفاءة، ونعني بمستلزمات الإنتاج ليس فقط اليد العاملة بل كل مُدخلات الإنتاج محلية المنشأ حصرا.

وعليه، فلا بد من النظر في المحصلة الإنتاجية، أي القيمة التي تضيفها تلك المنشأة للاقتصاد الوطني، حتى نستطيع رسم منظومة متكاملة من السياسات والحوافز تدفع القطاع الخاص ليقوم بدور إيجابي متصاعد.

وعليه، فما يُميز منشأة عن أخرى يجب ألا يرتكز على جنسية المالك بل على توظيف الموارد المحلية بكفاءة تضيف للناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ونظرا لعدم دقة التمييز، فمنشآت القطاع الخاص لا تمارس دورها كاملا من ناحية توظيف الموارد المحلية توظيفا مسئولا.

ولابد هنا من الاستدراك بالقول إنه ليس عملياً تركيز الاهتمام على جانب واحد كتوظيف الباحثين عن عمل من السعوديين وترك بقية مستلزمات الإنتاج، إذ لا ينبغي النظر للأمر عبر التقسيمات الإدارية للوزارات، فواحدة تنظر في العمالة والتأشيرات وأخرى في الإعفاءات الجمركية وصندوق حكومي ينظر في منح تمويل للمنشأة، فحاليا كل من تلك الجهات الحكومية ينظر -إلى الحد البعيد- باستقلالية، وهذا أمر لا يحقق المصلحة الاقتصادية للبلاد البتة، مما يستوجب أن يُنظم دور منشأة القطاع الخاص بتكاملية تقيس مساهمته في الاقتصاد من الجوانب المتعددة، وبناء على ذلك الدور تُمنح المنشأة حوافز أو تُفرض عليها رسوم، لتشجيع المُنتِج الذي يُضيف للاقتصاد، ولردع المُنتِج الذي يتطفل على الاقتصاد فيأخذ منه ولا يعطيه.

أما حالياً فلا تفريق بناء على الإنتاج وكفاءته، ولذا فلا يُمارس القطاع الخاص دوره بمسئولية، فالأنظمة لا تضطره لذلك.

نقلا عن الجزيرة