تغيرات الطلب المحلي على وقود البنزين والديزل

19/07/2016 10
د. سليمان الخطاف

استهلك العالم وبحسب مصادر أوبك في العام الماضي حوالي 93 مليون برميل باليوم من المشتقات النفطية منها 24.6 مليون برميل باليوم بنزين و27.8 مليون برميل باليوم ديزل.

أي إن 56% من الاستهلاك العالمي للنفط كان على شكل وقود البنزين والديزل وهما بكل تأكيد أهم المشتقات البترولية التي يجب على الدول المصدرة للنفط الخام التحول التدريجي من تصدير الخام إلى تصدير البنزين والديزل بمواصفات عالمية من حيث نسبة محتوى الكبريت.

ولقد ارتفع إنتاج المملكة للمشتقات البترولية منذ عامين بشكل لافت للنظر فلقد أنتجت المملكة في عام 2013م حوالي 1.84 مليون برميل باليوم كمشتقات نفطية وارتفع هذا الإنتاج في عام 2015م مع تشغيل بعض المصافي الجديدة إلى حوالي 2.5 مليون برميل باليوم منها 1.75 مليون برميل باليوم حصة أرامكو السعودية من مصافيها المحلية وحصتها في المصافي المشتركة وهي نهضة وقفزة تحسب لصناعة التكرير بالمملكة.

وبلغت حصة أرامكو السعودية من الانتاج الاجمالي للعام 2015م وبحسب تقريرها السنوي 128.35 مليون برميل بنزين و253.6 مليون برميل ديزل.

وهذا يعني أن الانتاج اليومي لأرامكو في العام 2015م للبنزين بلغ 352 الف برميل وللديزل 700 الف برميل.

غير أن المشكلة الكبرى لصناعة التكرير بالمملكة تكمن في ارتفاع الطلب المحلي على البنزين والديزل وانخفاض سعرهما داخليا مقارنة بالاسواق العالمية أو حتى بالدول المجاورة كالامارات ودول الخليج العربية الأخرى.

ولقد ارتفع الاستهلاك المحلي للبنزين ما بين عام 2014م وعام 2015م من 192.3 مليون برميل إلى 206.4 مليون برميل.

وهذا يعني ان المملكة استهلكت العام الماضي 565 الف برميل يومياً وهذا اقل من الانتاج بأكثر من 200 الف برميل باليوم، والتي يتم شراؤها بالاسعار العالمية من المصافي المحلية المشتركة أو من الخارج وتباع محلياً بالاسعار المنخفضة والمدعومة من الدولة.

ويمكن ملاحظة ان انتاج البنزين كان قد ارتفع ما بين 2014 و2015م بحوالي 30 الف برميل باليوم الا ان هذا الارتفاع في الانتاج لم يستطع ان يتعادل مع الاستهلاك المحلي الكبير.

ويكفي ان نعلم ان الطلب المحلي على البنزين كان قد ارتفع ما بين عامي 2014م و2015م بحوالي 39 الف برميل باليوم.

وارتفع ايضاً بين عامي 2013م و2014م بحوالي 23 الف برميل باليوم (انظر الشكل). ومع الارتفاع الكبير بعدد السكان وزيادة الطلب على السيارات في المملكة يمكن القول ان معدل النمو المحلي لطلب البنزين في المملكة ولآخر ثلاث سنوات يقدر بحوالي 30 الف برميل باليوم لكل عام.

وهذا يعني انه اذا لم نستطع تقليل النمو باستهلاك البنزين فان الطلب المحلي قد يصل إلى 700 الف برميل باليوم بحلول 2020م وهذه مشكلة كبيرة يجب مواجهتها بعناية فائقة.

ولو قارنا نمط استهلاك البنزين بالدول المجاورة لوجدنا ان الفرد في كل من الكويت والامارت يستهلك سنوياً 3-4 برميل بنزين وفي اوروبا واليابان 1-3 براميل وفي بعض دول اوبك كالجزائر والعراق وايران 1-2 برميل. وفي امريكا 10 براميل وفي المملكة 7 براميل للفرد الواحد سنوياً.

اما بالنسبة لوقود الديزل الذي يختلف في استخداماته عن وقود البنزين فلقد ارتفع الاستهلاك المحلي بين عام 2013م و2014م بحوالي 18 الف برميل باليوم ثم عاد وارتفع بين 2014م و2015م بحوالي 28 الف برميل باليوم.

اي ان النمو المحلي للطلب على الديزل يرتفع بمعدل 23 الف برميل باليوم لكل عام. ولقد وصل الاستهلاك المحلي للديزل في العام الماضي إلى حوالي 757 الف برميل باليوم اي اقل من الانتاج بحوالي 50 الف برميل باليوم.

ولو درسنا تغيير نمط الطلب على البنزين والديزل في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي وبالرجوع والتدقيق بالبيانات المنشورة في موقع «جودي» لوجدنا التالى: ارتفع الاستهلاك المحلي للبنزين في الثلث الاول من العام الحالي إلى 584 الف برميل باليوم وهو ارتفاع بحوالي 20 الف برميل باليوم عن معدلات استهلاك 2015م (565 الف برميل باليوم) وهذا الاستهلاك يعادل استهلاك مصر وتركيا واسبانيا وفرنسا والامارات وعمان مجتمعين (يبلغ عدد سكان هذه الدول مجتمعة حوالي 300 مليون نسمة).

وفي نفس الفترة استهلكت الهند ذات 1.25 مليار نسمة 539 الف برميل باليوم فقط.

وبالنسبة للديزل فلقد جاء في مقال الاسبوع الماضي ان معدل الاستهلاك المحلي قد وصل إلى مليون برميل ولكن هذا الرقم يمثل الانتاج الاجمالي للمصافي في المملكة وليس الاستهلاك وذلك بسبب تشغيل مصفاتين جديدتين ولذلك وجب تصحيح المعلومة بحسب قراءة بيانات موقع جودي بشكل دقيق.

وعلى هذا الاساس فلقد انخفض الاستهلاك المحلي في المملكة في الثلث الاول من العام الجاري إلى 689 الف برميل باليوم وكانت معدلات استهلاك عام 2015م قد سجلت 757 الف برميل باليوم وهذا انخفاض لافت للنظر بحوالي 70 الف برميل باليوم.

لاشك ان هنالك جهوداً كبيرة قد بذلت لمحاربة الاستهلاك الجائر والتهريب ويبدو ان نتائجها قد بدأت بالظهور.

وبذلك اصبح الانتاج يفوق الاستهلاك مما يسمح بالتصدير. ولكن ومع هذا الانخفاض في الاستهلاك يبقى معدل استهلاك الفرد السنوي للديزل في المملكة من المعدلات الأعلى في العالم والذي يصل إلى حوالي 8.1 برميل مقابل 4.5 برميل لامريكا و2.4 برميل لليابان و5.3 برميل لالمانيا وفي الصين اقل من برميل.

ويقدر استهلاك الفرد السنوي للديزل في الامارات وهي من اهم الدول المجاورة للمملكة بحوالي 3 براميل في الثلث الاول من العام الجاري.

ويصل الاستهلاك المحلي للبنزين والديزل إلى حوالي 1.3 مليون برميل باليوم ويباع البرميل من هذه المشتقات بالسعر المدعوم عند حوالي 25 دولارا فيما يباع بالاسواق العالمية حالياً والعالم يشهد انخفاضاً كبيراً باسعار النفط بحوالي 60 دولارا للبرميل بعد ما كان يباع في 2014م بأكثر من 100 دولار للبرميل.

وهذا يعرض بصورة جلية حجم وضخامة الدعم المخصص للبنزين والديزل. وتستهلك المملكة سنوياً حوالي 483 مليون برميل ديزل وبنزين، ويبلغ حجم الدعم على كل برميل حوالي 45 دولارا بالاسعار العالمية الحالية المنخفضة.

اي ان الدولة تدعم البنزين والديزل سنوياً بحوالي 80 مليار ريال ولقد حان الوقت لتوجيه هذا الدعم إلى قطاعات اخرى اكثر استحقاقاً مثل الصحة والتعليم والنقل.

لا شك ان تشغيل مصفاتي «ساتورب» و»ياسرف» في الجبيل وينبع قد ساهم بصورة كبيرة في تلبية الطلب المحلي المتنامي للبنزين والديزل.

ولكن الامل من المصافي الجديدة ان تكون احد دعائم الاقتصاد الوطني بتصدير الديزل والبنزين وبيعها بالاسواق العالمية بدل استهلاكها بالداخل باسعار رخيصة للغاية هذا عدا التلوث البيئي والزحام والحوادث المرورية.

وبالاضافة إلى تعديل الأسعار المحلية للوقود الذي بدأ تطبيقه في بداية العام الحالي، فلقد حان الوقت لوضع الخطط المناسبة لخفض استهلاك الفرد السنوي بالمملكة لكل من البنزين والديزل إلى حوالي 5 براميل لكل منهما وذلك بتقديم صورة جديدة للدعم الذكي الذي يشجع على الترشيد وليس على الهدر.

نقلا عن اليوم