العمل الخيري للشركات والإطار المؤسسي

04/07/2016 2
زياد الدباس

قبل نحو ست سنوات، فوجئ العالم بالدعوة التي وجهها البليونير الأميركي بيل غيتس وزوجته إلى 10 من أثرى أثرياء أميركا على طاولة عشاء، إذ أعلن بعد العشاء أن هذه الدعوة هدفها تبرع المدعوين بنصف ثرواتهم على الأقل خلال حياتهم للأعمال الخيرية والاجتماعية، كما أعد غيتس قائمة بـ400 بليونير في أميركا لدعوتهم للتبرع بجزء من ثرواتهم لمصلحة المنظمات الخيرية.

وتنازل غيتس وزوجته عن 26 بليون دولار من ثروتهم لمؤسسة خيرية، منها 22 بليون دولار لخدمة الصحة العامة في الدول الفقيرة.

وركزت مؤسـسته في نفقاتها على هيئتين صحيتين وهما التحالف العالمي للقاحات والصندوق العالمي لمكافحة الايدز والملاريا والسل، إذ وفرت المؤسسة لقاحات لـ250 مليون طفل في البلدان الفقيرة، ما ساهم في إنقاذ الملايين من البشر.

وساهم غيتس من خلال تبرعاته في تحسين فرصة الأميركيين في مشوارهم الدراسي. وتركزت تبرعات البليونير وارن بافيت التي بلغت قيمتها 37 بليون دولار على التعليم والصحة في الدول الفقيرة. ويلاحظ أن قيمة تبرعات الأثرياء الأميركيين تجاوزت حاجز بليون دولار لجامعات أميركية مرموقة وفي مقدمها جامعة هارفارد.

وفيما لا يتسع المجال في هذا المقال إلى ما قدمه باقي الأثرياء الأميركيين للأعمال الخيرية والاجتماعية، يُعتبَر العمل الخيري والاجتماعي طبيعة استثنائية في أميركا وبالتالي تشكل نسبة الإنفاق الاجتماعي من القطاع الخاص في الدول الغنية ما نسبته 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 11 في المئة في أميركا.

وهناك أمثلة مهمة على ما قدمه أثرياء من دول الخليج وبعض الدول العربية وفي مقدمهم البليونير السعودي سليمان الراجحي الذي تبرع خلال حياته بنحو 5.7 بليون دولار وبقي من ثروته نحو 600 مليون دولار. وساهمت تبرعاته في دعم القضايا التعليمية والصحية والاجتماعية والدينية.

وخصص البليونير الإماراتي عبدالله الغرير ثلث ثروته التي تبلغ 6.4 بليون دولار لإنشاء مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، بهدف تعليم شباب إماراتيين وعرب محتاجين.

وقدم الأمير الوليد بن طلال مساعدات إنسانية وتعليمية وصحية ومساهمات في مكافحة الفقر وتعزيز الحوار بين الأديان ودعم آلاف المشاريع في أكثر من 90 بلداً خلال 35 سنة، كما قدم منحاً وهبات لنحو 60 بلداً بإجمالي 2.4 بليون دولار.

وتتركز تبرعات البليونير الإماراتي ماجد الفطيم على البرامج الصحية، من خلال تأسيس مراكز لغسل الكلى وأقسام العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة وإطعام آلاف الصائمين المحتاجين وبناء المساكن للمحتاجين وبرامج التوعية الصحية.

وهناك مساهمات لفؤاد مخزومي اللبناني وميلود الشعبي المغربي ولبنى العليان السعودية وآل الحريري في لبنان، فيما قرر البليونير المصري نجيب ساويرس التفرغ للأعمال الخيرية من خلال التركيز على ثلاثة محاور هي مكافحة الفقر والمساهمة في توليد فرص العمل وتعزيز حوار الأديان وتنمية الأماكن الأكثر فقراً في العالم.

لا تتوافر في معظم الدول العربية قاعدة بيانات عن العمل الخيري الخاص والاستثمار الاجتماعي ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي، خصوصاً إذ تعاني مناطق كثيرة في الدول العربية الفقر والبطالة وضعف العناية الصحية اللازمة والمدارس الملائمة والسكن الصحي.

وتفرض الواجبات الدينية والوطنية والاجتماعية على الأغنياء تخصيص جزء من ثرواتهم لهذه المناطق المحرومة، للمساهمة في تحسين العدالة الاجتماعية في بلدانهم.

نقلا عن الحياة