دعوا العقار يكمل هبوطه بسلام

28/06/2016 12
م. برجس حمود البرجس

تفاجأ الكثير بتعجيل قروض المتقدمين مستثنين من ذلك قرض "البناء"، حيث إن البعض يملك أرضا، وأيضا استثناء من تقدم على "أرض وقرض"، واقتصر القرض المعجل على من أراد شراء شقة جاهزة أو منزل جاهز، وهو ليس للبناء. البرنامج يشترط توفير 30% من قيمة العقار حسب المعلومات التي كانت على موقع الصندوق الأربعاء الماضي.

الحد الأقصى للقرض 500 ألف ريال، فمصرف الراجحي (البنك الذي تم الاتفاق معه) وضع برنامج قرض 500 ألف ريال بفوائد 75 ألفا على أن يسدد المقترض 2778 ريالا شهريا لمدة 15 سنة ثم يسدد المقترض الفوائد 1250 ريالا شهريا لمدة 5 سنوات.

وبشكل مفاجئ، ذكرت الصحف الخميس الماضي -أي بعد إعلان البرنامج- عن تغيرات بهذه الأرقام، وحاولت مقارنتها بما قرأتها الأربعاء على موقع الصندوق إلا أنني لم أجد لها أثرا. هناك تصريحات لمسؤولين من الإسكان أو العقاري لمنح دائمة للمقترضين تصل لـ95 ألف ريال، وهناك تصريحات على أن فوائد البنك 170 ألفا وليست 75 ألفا، وتصريحات أخرى بأن السداد الشهري لن يتجاوز 1000 ريال.

المهم أن "شروط ومواصفات القرض المعجل ليست معلنة على موقع الوزارة ولا الصندوق العقاري".

وصرح مدير عام المجموعة المصرفية للأفراد في (الراجحي) أن البرنامج تجريبي ولمدة قصيرة ويقتصر على ثلاثة مدن (الرياض وجدة والدمام) حتى تنجح التجربة. للمعلومية هذا التصريح منشور على موقع الصندوق العقاري.

قبل التحدث عن الخطر والمخاطر في القرض المعجل، الجميع يتساءل لماذا الاهتمام بمن هم في مؤخرة القائمة؟ لماذا الوزارة حريصة وبشكل كبير على تنفيذ هذا البرنامج؟ لماذا لم تحرص الوزارة على من هم في رأس القائمة؟ وهل من برامج لهم؟ ومنذ متى هذا الحرص الذي لم نعتده؟ الوزارة أصلا لم تقدم شيئا في البرامج والجميع غير راض عن مخرجات الوزارة، فهل من المعقول أن تكون أول منتجاتها لمن هم في مؤخرة القائمة؟ والسؤال الأهم، هؤلاء المتقدمون تم قبولهم على أن يحصلوا على قرض حكومي بخصومات وليس بفوائد، ولم يشترط توفير 214 ألف ريال قبل الحصول على القرض؟

نأتي إلى النقاط المهمة:

أولا: عند طلبك قرضا بـ500 ألف ريال يجب أن تكون قيمة المسكن على الأقل 714 ألف ريال، حيث إنه يشترط عليك أن تدفع 30% مقدما أي 214 ألف ريال ويقرضك البنك 70% بحد أقصى من قيمة المسكن، أي 500 ألف.

ثانيا: يجب أن تدفع 2.5% عمولة المكتب العقاري، وفي المثال الأول عندما تكون قيمة المسكن 714 ألف ريال تكون العمولة 18 ألف ريال، فمجموع ما على المقترض توفيره 232 ألف ريال مقدما لكي يحصل على القرض.

ثالثا: الحصول على "قرض" يسقط حقك من المطالبة بـ"منحة أرض" طوال العمل عبر برنامج "قرض وأرض" أو غيره مهما كانت نوعية البرنامج الذي تقدمت له.

الخطر الأول يأتي من أن الشخص يلتزم بسداد 2778 ريالا شهريا لمدة 15 عاما، وأضف إلى ذلك يدفع 3 آلاف ريال قسط قرض شخصي لمن يصل راتبه لـ10 آلاف ريال وأكثر من ذلك لما هو فوق ذلك، وأيضا قسط سيارة يتراوح بين 1500 و2500 ريال!!! هذا الاستقطاع الكبير من الراتب ليس إلا مقادير لدخول الشخص في تعقيدات الديون وانتكاسة في الحياة.

سابقا، كان قرض صندوق التنمية العقاري 300 ألف ريال يسدد على 25 سنة أي 12 ألف ريال سنويا، ومن يتقيد يحصل على خصم 20%.

وبعد رفعه إلى 500 ألف ريال قبل سنوات قليلة، يفترض أن يسدد المقترض 1333 ريالا شهريا إذا كان متقيدا بالسداد، طبعا السداد كل 12 شهرا. لماذا تضاعف القسط إلى 2778؟ ولماذا السداد في 15 سنة بدل 25 سنة؟ ولماذا ندفع فوائد بدل الخصومات؟

بما أن المبلغ (714 ألف ريال) فإنه لا يكفي لشراء منزل، ويكفي فقط لشراء شقق في بعض الأحياء، ولذلك الخطر الأكبر أن الشقق أتاها هذا البرنامج المنقذ ليس فقط لتتماسك بعد أن كانت تتهالك، بل إن الشقة التي قيمتها 550 ألف ريال سيرفعها بعض أصحاب الشقق إلى 750 ألف ريال لأنهم يعلمون أن المقترض يحمل بجيبه 732 ألف ريال.

هذا سيكون ارتفاعا بغير حق واستغلالا لقرض المواطن الذي سينعش العقار، وأضف إلى ذلك الاستغلال الذي سيجعل صاحب الشقة يرفع من قيمتها الأصلية، أكثر من قيمتها التي كانت معروضة قبل أشهر قليلة. هذا طبعا إذا استهدف المقترض الـ500 ألف بالكامل.

عموما، لمن أراد أن يتهور عليه أن يتأكد من قيمة الشقق بنفس المواصفات ونفس الأحياء ولكن لا تسأل صاحب مصلحة.

سيرتبط الشخص بقرض مجموعه مع الأرباح 802 ألف (500 ألف قرض + 214 مقدم + 18 ألفا سمسرة + 70 ألفا أرباح) بشقة قيمتها الشهر الماضي 450 ألفا أو 550 ألفا، وبكل تأكيد سيزداد العبء على المقترض مع عبء تكاليف الحياة وارتفاع الأسعار وارتفاع متطلبات الأطفال الذين سيكبرون، فسيسلم كثيرا من المقترضين منازلهم متهربين من بقية الأقساط فيهبط العقار، البنك سيكون سعيدا لأنه أعطاك قرضا بـ500 ألف وأنت دفعت مقدما 232 ألفا وأيضا سددت لسنوات قليلة، ولكن صك المنزل محتجز (الصك بالكامل). المنزل سيباع ويسدد البنك باقي مستحقاته وإن لم تكتمل ستلزم بدفعها من راتبك.

الخلاصة أن البنك سيخرج كاسبا، والمواطن سيسدد كثيرا من القرض ويخسر المسكن، وعلينا أن نتساءل لماذا لا تشتري الوزارة هذه المساكن ويلتزم المواطن بالسداد، وإذا أكمل 15 سنة يستحق المسكن ويتكفل بسداد الفوائد؟ 

لماذا نلزمه بأقساط 20 سنة وفي أفضل الأحوال سيكسب شقة مستهلكة ويكون خسر فرصة الحصول على قرض مفتوح دون قيود ودون مقدم كما في السابق؟ 

نقلا عن الوطن