أهم معالم الطاقة العالمية فى 2015

23/06/2016 3
د. سليمان الخطاف

صدر قبل أيام تقرير المراجعة الاحصائية السنوية للطاقة في العالم من شركة بريتش بتروليوم (BP) ملقيا الضوء على معالم الطاقة من حيث الاحتياطيات الاحفورية للنفط والغاز والفحم والانتاج والاستهلاك بالاضافة الى مصادر الطاقة الاخرى مثل النووية والهيدرومائية والمتجددة. والحقيقة ان هذا التقرير يعد من اهم تقارير الطاقة السنوية إن لم يكن أهمها على الاطلاق.

وحسبما جاء في التقرير فإن اجمالي استهلاك العالم من الطاقة بكافة أنواعها وصل الى 13147 مليون طن مكافئ ولا يزال النفط المصدر الاول للطاقة بالعالم وبنسبة 33% بزيادة طفيفة عن نسبة عام 2014م. ثم يأتى بعده الفحم الحجرى ومن ثم الغاز الطبيعى.

ولقد شكلت مصادر الطاقة الاحفورية الثلاثة 86% من اجمالى الطاقة الأساسية المستهلكة فى عام 2015م مقارنة بحوالى 86.4% فى عام 2014م. وهذا الانخفاض الطفيف يرجع الى خفض حرق الفحم فى محطات توليد الكهرباء فى امريكا والصين.

وانخفضت الاحتياطيات العالمية المثبتة للنفط فى عام 2015م قليلا عن مستويات عام 2014م فإن الاحتياطيات النفطية للعالم شبه ثابتة منذ خمس سنوات وهذا يؤكد عدم وجود اكتشافات هامة جديدة للنفط التقليدى.

وتبلغ الاحتياطيات النفطية العالمية حوالى 1697 مليار برميل ولنفرض ان العالم سيستهلك سنويا فى الاربعين سنة القادمة ما معدله 100 مليون برميل باليوم. وبذلك سيكفى النفط التقليدى العالم لحوالى 46 عاما.

ويجب الانتباه الى ان هذه الاحتياطيات تحتوى على النفط الفنزويلى الثقيل والذى بحسب التقرير وصلت احتياطياته الى 300 مليار برميل وهذا ما يثير العجب لان انتاج فنزويلا لم يرتفع برغم حاجتها الماسة للمال والبلاد على حافة الافلاس بل على العكس انخفض من 3.3 مليون برميل باليوم فى عام 2005م الى 2.6 مليون برميل باليوم فى عام 2015م.

وهذا قد يرجع اما الى ارتفاع كلفة الانتاج وهذا ما يجعل هذا النوع من النفط اقرب الى النفط غير التقليدى، او الى ان التقديرات غير دقيقة.

وعلى جانب آخر، لم تشهد معظم دول العالم ذات الانتاج النفطى الكبير وهى المملكة وروسيا وامريكا والعراق وايران تغييرا كبيرا فى احتياطياتها النفطية فى السنوات العشر الأخيرة، الا ان الولايات المتحدة رفعت احتياطياتها النفطية بأكثر من 80% من 30 مليار برميل فى عام 2005م الى 55 مليار برميل فى عام 2015م.

أما من ناحية انتاج السوائل البترولية فكانت امريكا الاعلى فى العالم ثم المملكة وبعدها روسيا ولقد شكل انتاج هذه الدول الثلاث حوالى 40% من الانتاج العالمى للسوائل البترولية ، ولكن يمكن ملاحظة ارتفاع انتاج امريكا من هذه السوائل منذ عام 2008م اى قبل بداية نهضة الزيت الصخرى بامريكا.

انتجت امريكا فى عام 2008م حوالى 6.8 مليون برميل باليوم وفى عام 2015م وصل انتاجها الى 12.7 مليون برميل باليوم وارتفع انتاج كندا لنفس الفترة وبسبب الزيت الرملى بحوالى 1.2 مليون برميل باليوم وارتفع انتاج البرازيل لنفس الفترة بسبب زيادة الانتاج من حقول المياه المغمورة بحوالى 0.6 مليون برميل باليوم وكولومبيا بحوالى 0.4 مليون برميل باليوم.

اي ان انتاج العالم من السوائل البترولية قد ارتفع بسبب هذه الدول الاربع بحوالى 8.1 مليون برميل باليوم (زيادة الانتاج العالمى بحوالى 9%) ومعظم هذا الارتفاع في الانتاج هو لحقول اما غير تقليدية ذات كلفة مرتفعة او لحقول عميقة ذات كلفة مرتفعة ايضا ولذلك بدأنا نلحظ بداية النهاية لهذا الانتاج المرتفع الكلفة فى عام 2016م مع انخفاض اسعار النفط العالمية.

أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فإنه يحتل المرتبة الثالثة بين مصادر الطاقة ولقد ارتفع الاعتماد عليه فى عام 2015م بحوالى 2.2%. واما بالنسبة لاحتياطيات العالم من الغاز الطبيعى فهى لا تزال عند 187 تريليون متر مكعب ولقد ارتفعت فى عشر سنوات بحوالى 20%.

ويعتبر تقرير بريتش بتروليوم التقرير الوحيد الذى يشير الى امتلاك ايران اكبر احتياطيات للغاز الطبيعى بالعالم متخطية روسيا بحوالى 1.5 تريليون متر مكعب.

وعلى كل حال تملك ايران وروسيا وقطر وتركمانستان أكبر احتياطيات الغاز بالعالم والتي تقدر بحوالى 60% من الاحتياطيات العالمية . ولقد بلغ الانتاج العالمى للغاز فى عام 2015م حوالى 3.5 تريليون متر مكعب بزيادة 2.2% عن عام 2014م. ورغم احتياطياتها التى لا تقارن بروسيا او ايران او قطر الا ان امريكا تبقى اكبر منتج للغاز فى العالم ومنذ عقود .

ولقد رفعت امريكا انتاجها للغاز فى عام 2015م بحوالى 40 مليار متر مكعب بفضل طفرة الغاز الصخرى واصبحت من الدول المصدرة الرئيسية للغاز المسال بعد ان اوشكت ان تصبح من اكبر المستوردين له بالعالم.

ويعتبر هذا اكبر نمو بانتاج الغاز فى العالم وجاءت بعدها ايران اذ ارتفع انتاجها بحوالى 10 بلايين متر مكعب فى العام الماضى. وبحسب التقرير فإن ايران تملك اكبر احتياطى غازى وامريكا اكبر منتج ومستهلك للغاز فى العالم وروسيا اكبر مصدر للغاز واليابان اكبر مستورد له بالعالم.

وأما بالنسبة للفحم الحجرى وهو اكبر مصدر لتوليد الكهرباء بالعالم وثانى مصدر للطاقة وللمرة الأولى يشهد العالم انخفاضا ملحوظا فى انتاجه الذى انخفض بحوالى 4% عن مستويات عام 2014م. وانخفضت نسبة استهلاك الفحم فى مزيج الطاقة العالمى بحوالى 0.8%.

وتعد الصين اكبر منتج للفحم وبفارق كبير عن ثانى منتج وهى الولايات المتحدة. ويلاحظ ان الصين وامريكا قد خفضتا انتاجهما من الفحم بحوالى 100 مليون طن نفط مكافئ فى اشارة واضحة لتأثير الفحم السيئ على البيئة. والجدير بالذكر ان الصين وامريكا ينتجان 60% من الفحم بالعالم.

يبدو ان العالم يتجه بخطى ثابتة نحو الاعتماد اكثر على الطاقة المتجددة لديمومتها ولتأثيرها الايجابى على المناخ وفى هذا الصدد ارتفع استهلاك العالم للطاقة المتجددة فى عام 2015م بحوالى 15% عن مستويات عام 2014م لتكون هى صاحبة اكبر نمو من بين مصادر الطاقة الاخرى.

ولقد تضاعف الاستهلاك العالمى للطاقة المتجددة فى اخر عشر سنوات بحوالى 4 اضعاف. وتبقى امريكا والصين والمانيا اهم الدول على الاطلاق باستغلال الطاقة المتجددة بينما تبقى دول الشرق الاوسط الافقر بين دول العالم باستغلالها.

وتشكل الطاقة النووية حوالى 4.4% فى مزيج الطاقة العالمى ولقد ارتفع الاستهلاك العالمى للطاقة النووية فى عام 2015م بحوالى 1.3%. ويقدر عدد دول العالم التى تستهلك الطاقة النووية حوالى 28 دولة تأتى الولايات المتحدة فى المقدمة حيث تنتج وتستهلك حوالى ثلث الطاقة النووية المنتجة بالعالم.

وتأتى فرنسا بعدها بحوالى 17% وهذا يعنى ان امريكا وفرنسا ينتجان حوالى نصف الطاقة النووية بالعالم. وبينما تخفض اوروبا الغربية من اعتمادها على الطاقة النووية نجد ان الصين والهند وروسيا وكوريا الجنوبية يتسابقون لانتاج المزيد من الطاقة النووية من اجل توليد الكهرباء.

رفع العالم استهلاكه للطاقة الأساسية فى عام 2015م بحوالى 1% ولكن فى نفس الوقت خفضت امريكا الشمالية استهلاكها للطاقة بحوالى 1% ولم تشهد امريكا الجنوبية ولا اوروبا اى نمو او نقصان بل شهدت استقرارا فى طلبها على الطاقة.

لكن فى المقابل رفعت دول شرق آسيا استهلاكها للطاقة بحوالى 2% وافريقيا رفعت استهلاكها بحوالى 1.6 %.

واما الزيادة الحقيقية فى الطلب على الطاقة فكانت لدول الشرق الاوسط التى رفعت طلبها على الطاقة بأكثر من 4% لتكون اعلى نسبة في العالم.

تخطت الصين امريكا فى استهلاك الطاقة فى عام 2009م واصبحت اكبر دولة مستهلكة للطاقة فى العالم وتأتى بعدها امريكا والهند وروسيا كما يعرض الشكل 4. وفى عام 2015م ارتفع استهلاك الصين للطاقة عن الاستهلاك الامريكى بحوالى 30%.

ولكن الغريب فى الامر ان الصين والهند قد ضاعفتا من استهلاكهما للطاقة فى السنوات العشر الأخيرة بينما لم يحدث تغير كبير فى استهلاك كل من امريكا وروسيا للطاقة فى نفس الفترة.

وحسب تقرير BP احتلت المملكة فى عام 2005م المرتبة الخامسة عشرة عالميا فى استهلاك الطاقة الأساسية التى تقدر آنذاك بحوالى 158 مليون طن نفط مكافئ.

وفى عام 2015م جاءت المملكة فى المرتبة الحادية عشرة متخطية بريطانيا وفرنسا وايطاليا. وقد تدخل نادى الدول العشر الكبرى فى استهلاك الطاقة هذا العام اذ ان الفرق بينها وبين ايران صاحبة المرتبة العاشرة 3 ملايين طن نفط مكافئ فقط ولكن يبلغ نمو الطلب على الطاقة فى المملكة ضعف الطلب الايرانى.

والجدير بالذكر انه فى عام 2005م كان طلب المملكة على الطاقة يساوى 158 مليون طن نفط مكافئ واسبانيا 152 مليون طن وفرنسا 263 مليون طن نفط، وفى عام 2015م ارتفع طلب المملكة الى 264 مليون طن نفط وفى المقابل انخفض طلب فرنسا واسبانيا.









نقلا عن اليوم