محلل الأسواق المالية وحظر التداول بناءً على معلومات داخلية

08/06/2016 2
د. مشعل فرج

الشخص الذي يتداول بناء على معلومات داخلية يحتكر معلومات لا تتوفر لدى غيره من المتداولين وهذا يجعله أكثر إطلاعاً من إقرانه المتداولين.

هيئة السوق المالية السعودية حرصت على فعالية السوق من خلال تشجيع المتداولين على تلقي المعلومات عن الشركات المدرجة من خلال مصادرها النظامية ومنعت التداول بناء على المعلومات الداخلية التي لا تكون متوفرة للجمهور. 

ليس المتداولين فقط من يتعامل مع المعلومات التي تصدر من الشركات، المحللين في الأسواق المالية حريصين كذلك على تتبع تلك المعلومات.

يتبلور دور المحلل في هذا السياق بتحليل وتمحيص البيانات التي تصدر من الشركات ويبني عليها توصياته. هذا الدور له جانب رقابي في بعض الأحيان ذلك أن المحلل يهتم بفحص وبحث المعلومات المعلنة.

 المحلل يقوم بإعادة المعلومة بعد تحليلها مع اهتمام في أن يكون لرأيه مصداقيه عالية. يدرك المستثمر حرص المحلل على مصداقيته وسمعته لذلك في كثير من الأحيان هو يعطي وزن لرأي المحلل في قراره أعلى من إعلان الشركة الرسمي.

مع تنامي دور المحللين في السوق المالية من الطبيعي أن تهتم الشركات بآرائهم وقد تتطور طبيعة العلاقة بينهم وبين المحللين إلى مستوى قد يقودهم إلى تسريب بعض المعلومات الغير متاحة للجمهور لبعض المحللين.  وهنا يثور التساؤل التالي: هل ينطبق على المحللين حظر التداول بناء على معلومات داخلية؟     

المادة الخمسون من نظام الهيئة تبنت منهج "تكافؤ المعلومات" وهو نهج بسيط يمنع التداول بناء على معلومات داخلية لم تكن متاحة لعامة الجمهور بغض النظر عن الطريقة التي حصل فيها المتداول على المعلومة.

هذا النهج يسهل على المحققين إثبات التداول على المعلومة الداخلية ويحظر التداول بناءً على المعلومات الداخلية يصرف النظر عن شخص المتداول.   

عمومية نص المادة الخمسون من نظام الهيئة والمواد الرابعة والخامسة والسادسة من لائحة سلوكيات السوق تؤكد إلى عدم استثناء أي شخص تداول بناءً على معلومات لم تكن معلنة للجمهور بما في ذلك المحللين في السوق المالية. 

المحلل قد لا يبيع ولا يشتري بناءً على المعلومات الداخلية ولا قد يمرر هذه المعلومات إلى أحد عملائه ولكنه قد يبني عليها توصياته التي يقدمها إلى عملائه. أحدهم قد يسأل: هل يدخل التداول بناءً على توصية المحلل والتي بناها على معلومة غير معلنة ضمن نطاق الحظر؟ قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من مناقشة بعض الاعتبارات الهامة.

الهدف من حظر التداول على معلومات داخلية هو تكافؤ المعلومات بين المتداولين بحيث لا يكون لأحدهم أفضلية ويحقق أرباح نتيجة استخدام معلومات لم تكن متاحة لعامة المتداولين. هذا الحظر قد يكون أكثر فاعلية إذا تم تطبيقه في سوق ذو كفاءة "شبه ضعيف".

وفقاً لفرضية كفاءة السوق يعتبر السوق ذو كفاءة شبه ضعيفة متى ما عكس سعر الورقة المالية الحالي المعلومات المتاحة للجمهور، وعليه لا يمكن تحقيق أرباح غير عادية بناءً على تحليل المعلومات العامة لأنها منعكسة في سعر الورقة المالية الحالي.  

وفقاً لبعض الدراسات، كفاءة السوق السعودي تقع ضمن نطاق النوع "الضعيف" والتي تفترض وفقاً لفرضية كفاءة السوق أن السعر الحالي للسهم يعكس جميع المعلومات السابقة (التاريخية)، فلا يمكن تحقيق أرباح غير عادية بناءً على تحليل البيانات التاريخية، وفقاً لهذا الشكل فإن التغيرات المتتالية في سعر الورقة المالية مستقلة عن بعضها. 

هذا المستوى من الكفاءة المنخفض يزيد من أهمية دور المحللين، ذلك أن تحليلاتهم وتوصياتهم ترفع من كفاءة السوق.

لذلك من المصلحة إعادة النظر في صياغة المنع بحيث يظل الحظر قائم على التداول على معلومات الداخلية من أي شخص ويتم استثناء من تداول بناء على توصية من محلل في الأسواق المالية ولا يترك هذا الاستثناء على إطلاقه ولكن يتم تقييده بشروط توازن بين الإستفادة من أراء المحللين في رفع كفاءة السوق والتأكيد على حظر التداول على معلومات غير متاحة للعامة.