خصخصة النفط من الزاوية الصعبة

31/05/2016 4
م. برجس حمود البرجس

كان الحديث عن أن قيمة أصول أرامكو 2 تريليون دولار وخصخصة 5% منها سيوفر 100 مليار دولار "كاش" أي 375 مليار ريال. لا أعرف لماذا تخيلنا أن هذا المبلغ سيُدخل لنا أرباحا 1000% وليس 10% بأقصى حد، ولكن هذا ليس مجال حديثنا اليوم.

المساهمون (أو دعني أقول مساهم واحد لتسهل الحسبة) سيستثمر 375 مليار ريال على أمل الحصول على عوائد (توزيع أرباح) 7% سنويا أي 26 مليار ريال، فتمتد عوائد الاستثمارات إلى 14 سنة، أي يسترد المستثمر رأسماله في 14 سنة، وهذا مقبول في بعض الأحيان، هذا يعني أن بقية الـ 95% من الأسهم والتي ستبقى ملكا للدولة ستحصل على 499 مليار ريال، (إذا كانت أرباح الـ 5% تصل إلى 26 مليار ريال، فأرباح الـ 95% ستكون 499 مليار ريال)، بذلك يكون مجموع أرباح النفط 525 مليار ريال.

أضف عليها مصاريف أرامكو التشغيلية والرأسمالية 100 مليار ريال، إذا كان المطلوب 625 مليار ريال سنويا كعوائد للنفط، وهذا يتطلب أن يكون سعر برميل النفط 61 دولارا بحد أدنى طوال الـ14 سنة لتكتمل العوائد على الاستثمارات للمساهمين، والسنوات التي بعد ذلك ستكون أرباحا، وإلا لن تكون الخصخصة مجدية.

هل يضمن المشتري بقاء سعر النفط 61 دولارا طوال هذه المدة؟ هل سنخسر الكثير لو كان سعر النفط 80 دولارا للبرميل؟ كم قيمة المخاطر؟ لم ننته بعد.

لم نحسب في الحسبة أعلاه حقوق الملكية وهي 20% من المبيعات، ولا الضرائب النفطية التي عادة ما تستخدم للميزانية لدفع رواتب وتشغيل المدارس والمستشفيات والإدارات الحكومية والخدمات، الضرائب النفطية تصل إلى 60% من المبيعات بالحسبة السريعة، باختصار كانت حقوق الملكية والضرائب خلال السنوات الماضية 800 مليار ريال كمعدل سنوي، ولم ندخلها بالحسبة هنا، أي أننا تنازلنا عنها في الحسبة.

في السنوات الماضية، مثلا في عام 2014، كان دخل صادرات النفط حوالي 1 تريليون ريال أي 1000 مليار ريال، وكانت حقوق الملكية 20% أي 200 مليار ريال تدفع للمالية، ثم بعد ذلك تخصم مصاريف أرامكو التشغيلية حوالي 50 مليار ريال، إذًا المتبقي 750 مليار ريال يخصم منها 85% ضرائب وتذهب للمالية أيضا، ويتبقى 112 مليار ريال وهي الـ15% المتبقية، ويخصم منها 50 مليار ريال مصاريف أرامكو الرأسمالية ويتبقى 62 مليار ريال وهي الأرباح، ذلك عندما كان سعر البرميل 100 دولار طوال السنة، أما لو كان السعر 50 دولارا للبرميل فلن تكون هناك أرباح، وأقل من ذلك خسائر وتلجأ للقروض.

الأمر المحير هل سيكون تثمين أرامكو بناء على قيمة الأصول أم سيكون هناك اعتبار للتدفقات النقدية؟ والسؤال الأهم هل سيكون هناك إعادة هيكلة لنسبة حقوق الملكية أو هيكلة لنسبة الضريبة؟ كل هذه الأمور ستكون في الحسبان وننتظر التثمين.

الخلاصة: خصخصة 5% من أرامكو أو النفط يجب ألا تكون قيمتها أكثر من 30 مليار ريال وليس 375 مليار ريال (ليكون توزيع الأرباح 2 أو 3 مليارات ريال وليس 26 مليار ريال)، ويجب عدم التنازل للتغيير في هيكلة حقوق الملكية وهيكلة الضرائب لكي تكون تجربة مخاطرها بسيطة.

إذا كانت الخصخصة بناء على قيمة الأصول فلن تكون مجدية للمشتري أو المستثمر، فسيستثمر 375 مليار ريال ويجني أرباح بـ3 مليارات سنويا فقط، أما إذا كانت هناك إعادة هيكلة لحقوق الملكية والضرائب فسيكون هذا على حساب مستقبل عالي المخاطر على البائع، أما الخيار الثالث فهو الخصخصة بناء على العوائد من الاستثمارات، وهذا لن يوفر قيمة للخصخصة أكثر من 30 مليار ريال نستطيع اقتراضها من البنوك بكل سهولة.

خصخصة النفط بـ375 مليار ريال ستكون الخصخصة الأكبر عالميا، ومخاوفها عالية على البائع وعلى المشتري، ولن يقدم أحدهما تنازلات للآخر، إن كانت التجربة ناجحة للطرفين فستتم خصخصة نسب أخرى خلال سنوات، وخسارة البائع أو المشتري ستتسبب في خسائر لبقية النفط وهو تحت الأرض وأيضا خسائر لأسواق التداول المحلية.

نقلا عن الوطن