الإسكان.. ما لا يوحد قياسه تصعب إدارته

23/05/2016 2
د. سليمان عبدالله الرويشد

من الأمور التي تجعل قطاع الإسكان لدينا يعاني صعوبة في إدارته على النحو الذي يضمن تحقيق ما يرتبط به من أهداف اجتماعية واقتصادية هو التباين الواضح في قياس المؤشرات الأساسية في هذا القطاع التي تلقي بأثرها ليس فقط على أداء الجهاز الحكومي المسؤول عن تنظيم وإدارة شؤون الإسكان في المملكة وانما أيضاً على مؤسسات القطاع الخاص ذات الصلة في أنشطتها ومجالات عملها بهذا القطاع سواء كانت مؤسسات تمويل أو تطوير أو مقاولات أو تصنيع مواد بناء أو خلافها من الأنشطة المتعددة المقترنة به .

ولعل من أبرز تلك المؤشرات ملكية الأسر من المواطنين لمساكنهم، الذي نراه يتفاوت ما بين مصدر وآخر من الجهات التي تعنى برصد هذا المؤشر سواء على المستوى الوطني أو حتى على نطاق المدن، الأمر الذي يفضي إلى ضبابية وعدم وضوح تجاه تقدير حجم ما ينبئ عنه هذا المؤشر من احتمالات وتوقعات، وبالتالي ما يستند إليه من جهود وخطط مستقبلية في هذا القطاع التي ربما تفاوتت ما بين الشح والهدر في توظيف ما يتاح لنا من موارد هي محدودة بطبيعتها.

إن هذا المؤشر الذي نسوقه هنا كمثال من بين المؤشرات الأخرى نجد عينة مما يتسم به في نتائج المسح الميداني الذي قامت به وزارة الاقتصاد والتخطيط ممثلة في مصلحة الإحصاءات العامة حينها، التي يفترض أنها تستخدم المعايير الدولية في ارقامها، حيث تشير إلى أن نسبة تملك المواطنين السعوديين للمساكن هي 61% من واقع ان هناك ما يقارب ثلاثة ملايين اسرة سعودية، أكثر من 1.8 مليون أسرة منها يمتلكون منــــازل.

في حين نجد دراسة مسحية أخرى قامت بها مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي من اجل معرفة حاجة مناطق المملكة من المساكن وتركزت على فئتين اثنتين من الاسر السعودية، الفئة المحتاجة للسكن والفئة الأكثر حاجة، حيث تشير هذه الدراسة في نتائجها إلى أن هاتين الفئتين تمثلان 27% فقط من إجمالي الأسر السعودية البالغة ثلاثة ملايين اســـرة، مما يعني أن 73% من الأسر السعودية التي تمثل الفئة المقابلة الأخرى هي إما تمتلك سكنها أو أن معدل دخلها يمكنها من امتلاك مسكن.

وحين نهبط إلى مستوى المدن التي توجد بها أجهزة ذات إمكانيات على رصد هذا المؤشر نجد امامنا التقرير الذي سبق وأن نشرت بياناته الهيئــة العليــا لتطوير مدينة الرياض عن واقع ومسـتقبل الإسكان في مدينة الرياض أكبر مدن المملكة وأكثرها سكاناً، بل ربما كان جلهم ممن هجروا مواطن سكنهم الأصلي في مدن ومحافظات المملكة الأخرى وقصدوا العاصمة الرياض، حيث يتضمن التقرير ما يفيد أن غالبية الأسر السعودية في المدينة وبنسبة 60% تمتلك مساكن سواء بصورة مباشرة أو جرى توفيرها لهم من أرباب العمل.

في المقابل نجد أن وزارة الإسكان عبر ما ينسب إليها في وسائل الاعلام تكاد لا تتفق مع صحة بيانات تلك المصادر وتذكر أن نسبة تملك المواطنين للمساكن تبلغ في الوقت الحاضر 47% وأن الوزارة بموجب ذلك تستهدف رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى 52% بحلول 2020.

إن هذا المؤشر وغيره من مؤشرات الإسكان الأساسية الأخرى، التي منهــا نسبة الشاغر من المساكن ومعدل النمو السنوي في أعداد المساكن بمختلف أنواعها، ومعدل الاكتظاظ السكني، وخلافها من المؤشرات اللازمة لرصد واقع قطاع الإسكان لدينا، من المهم أن توحد المرجعية في استيفائها واعدادها ونشرها من مصدر واحد.

دون إغفال إمكانية أن تتكامل الجهود في هذا الشأن بين الجهات المختلفة التي أشرنا لبعض منها المهتمة بهذه المؤشرات، وذلك لغرض أساسي وهام هو الحد من تشتت مصادر تلك المؤشرات وتبعثرها وبالتالي تباينها وانعكاسها السلبي على كفاءة إدارة هذا الملف التنموي الذي لازال حتى الآن مستعصيا على المعالجة والاستقرار.

نقلا عن الرياض