المال والماء المالح

15/04/2016 6
عبدالله الجعيثن

 قصة الإنسان مع المال غريبة عجيبة فهو نهم إليه أبداً وكلما نال منه قال: هل من مزيد؟ وكلما شرب من معينه ازداد ظمأً إليه فكأنه يشرب ماء مالحاً لا يزيده إلا ظمأً.

ومما يزيد قصة الإنسان مع المال غرابة انه يسعى إليه ويركض طمعاً في السعادة لكنه في الغالب يقع في براثن الشقاء حين لا يرى غير المال ولا يريد غير المال قد صار بالنسبة له غاية لا وسيلة فهو يغني عمره مسرعاً كالفراش يحوم حول النار أو لنقل كسائق سيارة مجنونة السرعة في طريق مزدان بالورود والزهور والمسطحات الخضراء والانسام العليلة ولكن سائق السيارة لا يرى شيئاً من ذلك بل هو مسرع ممعن في السرعة في طريق لا نهاية له إلا حفرة القبر.

فهو يفقد شبابه ويفقد الاستمتاع بطفولة أولاده ويقبر ميوله وهواياته وقد يقطع رحمه الله ويتنكر لأصدقائه ومعارفه لاهثاً وراء المال حتى إذا وصله وجده سراباً وقد ذوت الصحة وذهبت القوة وولى الشباب.

هذا حال أكثر الناس مع المال خاصة مدمني المضاربة على الأسهم والعقار هي حياتهم قراءاتهم وهواياتهم وكوابيسهم الليلية.

وقد تأخذ -مع صحتهم ووقتهم- ما لديهم من المال أيضا.

إن الاعتدال هو الكلمة الذهبية التي تزن حياة الإنسان الرشيد بحيث يستمتع بحياته وشبابه وطفولة أولاده وراقي هواياته ويسعى لرزقه دون إشراف نفس او انقطاع نفس أو إهمال جوانب أهم في مقدمتها الدين والخلق وسعادة الأسرة وصلة الرحم ومحبة الناس.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب).

 

نقلا عن الرياض