مستهلكون وكفى !

13/04/2016 1
راكان الفريدي

ترسخت في المجتمعات الخليجية ثقافة الإستهلاك المطلق على حساب الإنتاجية المتواضعة، وتطورت مراحل هذه الثقافة حتى وصلت إلى مرحلة أصبحت لها فنون وإبتكارات تدعم تأصيلها في ذهن الفرد الخليجي، ويستصاغ لها أعذار واهية من أخدعها عذر مايسمى بالخصوصية وهي شماعة يعلق عليها أي شيء يرفضه المجتمع إذا كان سيأخذ بهم للتغيير المرفوض حتى لو كان للأفضل.

وهنا ليس المقصود بالإنتاجية الصناعة أو التجارة فقط بل هما جزء من هذه المنظومة المفقودة في دول الخليج، فنحن لا ننتج سوى البترول وما يتعلق به ونستورد كل شيء غيره تقريباً حتى لو أدعينا أننا ننتج سلعة فنحن ربما على أحسن حال قمنا بتجميعها أو تطويرها فقط، حتى التجارب والإبتكارات نقوم بإستيرادها ونصنع ونتاجر بإيدي مستوردة على الأغلب، ومن يتأمل بواقع دول الخليج سيشاهد شلل في إرادة وإبداعية الإنتاج وتنمية ثقافة الإستهلاك وزخرفتها إلى أبعد مدى ممكن، وتشكلت من كل ذلك عقلية إستهلاكية نهمة ومندفعة على الاستهلاك متجاوزة درجة الحاجة الطبيعة لضروريات العيش إلى إشباع الحاجات الثانوية الغير ضرورية والتباهي بها، بعد أستهدافها بكم هائل من الإعلانات المتواصلة ليلاً نهاراً، وبالنظر إلى الأرقام التي تكشف مدى إستهلاك دول الخليج من العطور والبخور والدخان والحلويات والهواتف الذكية وغيرها الكثير يظهر جلياً أن الكماليات أصبحت في هذه المجتمعات ضرورة حتمية وربما يحتاج البعض للإقتراض لشراء هذه الكماليات مندفعاً مع التيار الجارف، ولكل هذه الثقافة الإستهلاكية التي يزداد زخمها يوماً بعد يوم عواقب كارثية وأكثر من ذلك بإضعاف مع غياب تام للإنتاجية، ويتبع ثقافة الإستهلاك المفرط ثقافات أخرى تتولد بشكل تلقائي مثل الكسل والخمول وحب الظهور والتقليد بالتبعية، وربط السعادة دائما بالقدرة على إقتناء كل ما ترغبه النفس.

تحتاج المجتمعات الخليجية وبشكل ملّح هذه الفترة بالتحديد للتحول للإنتاج ومحاربة ثقافة الإستهلاك المفرط بكل الأساليب لخطرها الكبير على الأجيال القادمة وإقتصاديات دولهم، وأول ما يجب فعله هو إدارة الوقت وتدويره بشكل يحقق الإنتاجية المتكاملة بدلاً من هدره في الأسواق والمطاعم والإستراحات، كذلك دعم المنشآت والأفكار التي تعتمد على إستغلال أساليب إنتاجية كالعمل في المجالات التجارية والتصنيع الوطني الكامل حتى لو كان في منشآت صغيرة وناشئة، فعندما تبدأ ثقافة الإنتاجية بالتنامي ستتلاشى تدريجياً سيطرة ثقافة الإستهلاك على العقول ويتولد أيضاً إقتصاد متين منتج ومصدر يرفض على الأقل مبدأ إنتج ما لا تحتاج وإستهلك ما لا تنتج.