هل سينجح اجتماع الدوحة في دعم أسعار النفط؟

03/04/2016 0
د. سليمان الخطاف

اعلنت قطر انها ستستضيف في 17 ابريل الحالي اجتماعا للدول الاعضاء وغير الاعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) من اجل البحث في تجميد مستوى الانتاج سعيا لدعم اسعار النفط الخام.

ويأتي هذا الاجتماع بعد توصل اربع دول في مقدمتها المملكة وروسيا (اكبر المنتجين بالعالم) الى اتفاق لتجميد الانتاج عند مستويات شهر يناير الماضي شرط التزام منتجين آخرين به سعيا لاعادة التوازن للاسواق العالمية.

وقد ساهم الاعلان عن هذا الاتفاق الى حد كبير في تحسين الاسعار التي بلغت ادنى مستوياتها منذ 2003. ويفترض ان يكون اجتماع ابريل موسعاً بمشاركة 15 دولة تمثل حوالي ثلاثة ارباع العرض العالمي.

ولقد اعلنت معظم الدول المصدرة للنفط عن حضورها لهذا الاجتماع باستثناء المكسيك والنرويج وكازاخستان واذربيجان.

وكان وزير النفط الإيراني قد اعلن ان بلاده ستنضم للمحادثات التي تهدف الى تجميد محتمل لإنتاج النفط وذلك بعد ان يصل إنتاجها إلى أربعة ملايين برميل يومياً. وانخفض سعر برميل برنت على اثر هذه التصريحات تحت 40 دولار غير انه عاد للارتفاع بعد الاعلان عن هذا الاجتماع.

غير ان ايران رفضت تجميد إنتاجها من النفط عن مستويات شهر يناير الذي يقدر بحوالي 2.93 مليون برميل يومياً، لانها ترغب في العودة لمستوى الانتاج قبل فرض العقوبات الدولية عليها.

وكانت ايران قد انتجت في عام 2010م وقبل العقوبات 3.7 مليون برميل باليوم وفي النصف الثاني من عام 2012م انخفض انتاج ايران النفطي الى حوالي 2.7 مليون برميل بسبب العقوبات الدولية. وبذلك تعمل ايران على انتاج 300 الف برميل باليوم اضافية عن مرحلة ما قبل العقوبات.

ويقترب العراق اكثر واكثر من حاجز 5 ملايين برميل باليوم وعيونه متجهة لانتاج 6 ملايين برميل باليوم متى ما سنحت الفرصة بمساعدة الشركات الامريكية والاوروبية والروسية.

لقد وصل معدل انتاج العراق وايران مجتمعتين في عام 2014م حيث بدأ الانهيار باسعار النفط الى حوالي 6 ملايين برميل باليوم، وفي شهر يناير من العام الحالي وصل انتاجهما الى حوالي 7.5 مليون برميل باليوم، وهذا اضاف حوالي 1.5 مليون برميل باليوم الى الفائض النفطي بالاسواق العالمية مما ادى الى المزيد من الانهيارات في اسعار النفط.

ولا شك ان ارتفاع الانتاج الروسي في شهر يناير الماضي الى 11.1 مليون برميل باليوم وهو الاعلى في تاريخ روسيا رغم أن الانخفاض الكبير باسعار النفط لم يخدم الاسعار.

ولقد وصل معدل انتاج روسيا في عام 2014م 10.7 مليون برميل باليوم وفي يناير 2016م وهو مستوى تجميد الانتاج فلقد رفعت روسيا انتاجها الى 11.1 مليون برميل باليوم ويبدو انها اعلى طاقة انتاجية لها، بينما رفعت كل من العراق وامريكا وكندا وايران انتاجهم لنفس الفترة بحوالي 4 ملايين برميل باليوم وهذا يشير بشكل واضح الى ان زيادة الانتاج العالمي للنفط والفائض الذي تعاني منه الاسواق والانخفاض الكبير بالاسعار يعود الى زيادة انتاج النفط غير التقليدي في امريكا وكندا واستعداد العراق لانتاج المزيد من النفط على الرغم من انخفاض الاسعار.

وبحسب مصادر اوبك ستخفض امريكا انتاجها بحوالي نصف مليون برميل باليوم ولكن ستزيد بالمقابل ايران انتاجها بحوالي مليون برميل باليوم. اي بمعنى آخر سيتدفق النفط الرخيص على امريكا من كل بقاع العالم وهو ما سيلغي حاجة امريكا لاستخراج النفط الصخري لا سيما مع المشاكل البيئية والجيولوجية المرتبطة بانتاج هذا النوع من النفط.

بالرجوع الى تقارير اوبك الاخيرة نجد ان ايران استطاعت زيادة انتاجها النفطي منذ شهر ديسمبر من العام الماضي بحوالي 400 الف برميل باليوم ليصل الى حوالي 3.1 مليون برميل باليوم حالياً وهي اكبر زيادة لايران في شهرين منذ عقود.

ولكن ليتم زيادة مليون برميل اضافي للانتاج لا بد من الاستثمار في صناعة النفط الايرانية التي يعتقد الخبراء انها بحاجة الى استثمارات تقدر ما بين 100 الى 500 بليون دولار.

ولكن من سيستثمر هذه المبالغ الطائلة في صناعة النفط الايرانية خاصة مع قرب ايران من الازمات العالمية المتتالية مع العالم.

وكان وزير النفط الايراني قد صرح ان لا مشكلة لايران مع شركات النفط الامريكية وهي بمثابة دعوة لهذه الشركات للقدوم الى ايران.

لا شك ان الشركات الغربية مهتمة بصناعة الغاز الطبيعي الايراني اكثر من صناعة النفط نظراً للاحتياطيات الضخمة التي لم يتم استغلالها وربما تهرع بعض الشركات الغربية مثل توتال وشل للاستثمار في الغاز الايرانى.

ويرى كثير من المحللين ان الاسعار ستبقى هشة ما لم تفعل اوبك والمنتجون الآخرون شيئا ما في اجتماع الدوحة القادم.

وباختصار شديد فان التجميد قد يجمد الاسعار عند مستوياتها الحالية، ولكن تخفيض الانتاج من شأنه رفع الاسعار مجدداً خاصة عندما يعجز الطلب العالمي على امتصاص فائض الانتاج لتباطؤ الاقتصاد.

من غير المفهوم الاتفاق على تجميد الانتاج عند شهر يناير وهو ما يحمل اكثر من 2 مليون برميل باليوم فائض قابل للارتفاع مع الزيادة المتسارعة في انتاج كل من العراق وايران.

وعلى سبيل الافتراض اذا التزمت كل الدول بتجميد انتاجها عند مستوى شهر يناير الماضي (باستثناء ايران) فهذا لا يعني الكثير، لان معظم هذه الدول تنتج حالياً معظم طاقتها الانتاجية باستثناء المملكة التي تبلغ طاقتها الانتاجية حوالي 12.5 مليون برميل باليوم.

فهذه روسيا عند اعلى مستوى تاريخي وايران تسابق الزمن لانتاج 300 الف برميل زيادة على طاقتها الانتاجية قبل فرض العقوبات والعراق حدث ولا حرج.

وفي الختام وفي ظل هذه الاجواء الملبدة بالغيوم فمن الصعوبة بمكان الاتفاق او حتى التأكد من تنفيذ بنود الاتفاق بين دول العالم المصدرة للنفط، وماذا لورفعت روسيا او غيرها انتاجها باعلى من مستوى شهر يناير واخلت بالاتفاق من يستطيع محاسبتها؟

ولذلك فان ترك السوق تحدد الاسعار هو عين العقل لتحقيق التوازن الطبيعي والمطلوب. لن تخفض الدول المصدرة للنفط من انتاجها لانها حالياً بأمس الحاجة للمال ولا تثق ببعضها.

ولو خفضت المملكة والكويت والامارات مجتمعة انتاجها بحوالي مليون برميل باليوم فهنالك عدة دول سوف تتسابق لاخذ حصتهم السوقية وبالتالي لن تنخفض الاسعار ما دام يوجد فائض بالاسواق ودول وشركات لا يمكن الوثوق بها.

بصراحة النفط الموجود حالياً بالاسواق اكثر بكثير من الحاجة له وربما هذا ما دفع وزير الطاقة الروسي للقول بان توقع ارتفاع اسعار النفط فوق مستوى 50-60 دولار للبرميل شيء غير منطقي.

لا شك ان الارتفاع في اسعار النفط حالياً عملية صعبة لاسيما في ظل التركيبة الحالية للدول المصدرة للنفط والحالة الصحية للاقتصاد العالمي والتشريعات البيئية القادمة.

نقلا عن اليوم