إغلاق محلات التجزئة مبكراً ... خطوة للأمام

21/03/2016 5
عبد الرحمن بسيوني

لا أعلم ماهي الاسباب وراء عدم تطبيق قرار إغلاق محلات التجزئة الساعة التاسعة مساءاً حتى الآن، حيث تم الإعلان عن دراسته منذ ثلاث سنوات!.

فبالرغم من إقرار مجلس الشورى لقرار تخفيض ساعات العمل بالقطاع الخاص، إلا أن القرار لا يشمل ولا يعلاج المشكلة الرئيسية التي تتعلق بمحلات التجزئة، والتي يعمل بها تقريبا 240,000 موظف وعامل سعودي فقط مقابل 1,500,000 موظف وعامل أجنبي!.

بغض النظر عن من هي الوزارة المسؤولة عن إتخاذ هذا القرار، فإن إغلاق المحلات التجارية مبكراً هو ليس بإبتكار جديد يحسب لهذه الوزارة أو تلك، فالقرار قد طبق في كثير من دول العالم والتي يعد بعض مواطينها من المسلمين أيضاً، وهدفها الأول والأخير هو رفاهية المواطن وإستقرار ورخاء المجتمع.

فالتنمية الإقتصادية ليست بمعزل عن الحياة الإجتماعية بل هما مكملان لبعضهما البعض حسب ماتقتضيه المصلحة العامة للدولة.

لذلك فإن قرار إغلاق محلات التجزئة مبكراً سوف يكون خطوة إلى الأمام نحو التنمية الشاملة على جميع الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والأمنية وغيرها والتي شرحها يعتبر هو الهدف الأساسي من كتابة هذا المقال.

تنفيذ قرار إغلاق المحلات التجارية التاسعة مساءاً سوف يساعد على ضبط وتنظيم حياة الأسرة من الناحية الإجتماعية.

فتعديل ساعات أوقات العمل سوف يوفر للمواطنين العاملين بمحلات التجزئة وقتاً كافياً مع عائلأتهم لتلبية إحتياجاتهم الشخصية التي تعتبر جزءاً رئيسياً من إهتماماتهم اليومية.

فأوقات العمل الحالية غير مشجعة للعمل بهذا القطاع المهمل، لطول فترة ساعات العمل التي تبدأ من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل، والتي لاتتناسب مع ظروف وحياة المجتمع الإجتماعية، وذلك لأن المواطنين لايستطيعون التنافس مع العمالة الوافدة في هذا الجانب.

ففي دول العالم المتطور لاتوجد دولة واحدة حتى الآن تعمل محلات التجزئة لديها طوال اليوم مع إستثناء أيام الاعياد والاجازات. وبالرغم من ذلك مازال هذا القطاع يمثل أحد القطاعات المهمة في حياة المجتمع لهذه الدول.

فالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر، يمثل قطاع التجزئة لديها أحد اهم القطاعات الإنتاجية، حيث يعمل في هذا القطاع أكثر من 15 مليون فرد يمثلون 12% من القوى العاملة.

فمن الناحية الاقتصادية أيضاً، فإن جميع المؤشرات تحفز على إتخاذ القرار بإغلاق محلات التجزئة الساعة التاسعة مساءاً، ومن أهمها أنه سوف يؤدي إلى زيادة الطلب على وظائف هذا القطاع من قبل المواطنين، والذي يعتبر طول فترة العمل بها خلال اليوم هو أحد العوائق الرئيسية لعدم الإقبال عليها، مثلها مثل البنوك سابقاً.

لذلك فإن إغلاقها مبكراً سوف يعزز ويزيد من جاذبية الإقبال عليها، وبالتالي زيادة الإستهلاك والإستثمار محلياً عن طريق توظيف العمالة الوطنية بدلاً من تحويل هذه الأموال إلى الخارج عن طريق العمالة الوافدة.

لذلك فأنا لن أبالغ أذا توقعت أن 50% من تحويلات العمالة الوافدة التي تجاوزت 156 مليار ريال في العام الماضي 2015 كانت تخص فقط قطاع التجزئة.  

لذلك فإن هذا القرار سوف يساعد على دعم الإقتصاد عن طريق زيادة إنتاجية المواطنين وبالتالي إلى زيادة دخلهم، وأيضاً سوف يساعد على إنخفاض معدل البطالة بشكل كبير والذي يعتبر الآن عند أعلى مستوياته 11.5% حسب ما فاجأنا به وزير العمل مؤخراً، وهو رقم مقلق ومخيف إجتماعيا وإقتصادياً وأمنياَ.

 أيضاً فإن قرار إغلاق محلات التجزئة مبكراً سوف يسهم  في مكافحة التسترالتجاري، والقضاء على التوظيف الوهمي، والذي بدوره سوف  يساعد على زيادة إنتاجية وربحية القطاع الخاص، وتطوير بيئة العمل فيها وتعزيز تنافسيتها والقضاء على العمالة متدنية الأجور، والقرار أيضاً سوف يساعد على الخفض من إستهلاك الكهرباء على المستوى المحلي للحكومة وللتاجر، مما يساعد على عدم الإسراف والهدر في إستخدامها، وبالتالي خفض الدعم الحكومي لها.

وأيضاً سوف يقلل بدوره من الضغط على إستخدام البنية التحتية داخل المدينة وفك الإزدحامات المرورية وإنخفاض حوادث السيارات.

بالإضافة إلى جعل أوقات الذورة محدودة خلال اليوم، بدلاً من أن يكون اليوم كله وقتاً  للذورة. مما له أثاراً إيجابية على الصحة والبيئة معاً.

وأخيرأ وليس أخراً، فإن سوق العمل يحتاج إلى إصلاحات وقرارات إستراتجية تساهم في حياة واعدة لنا وللأجيال القادمة، وإحدى أهم هذه القرارات هو قرار إغلاق محلات التجزئة مبكراً، والذي له العديد من الأثار والفوائد الإيجابية التي تعود على المواطنين والمجتمع والإقتصاد الوطني في الحاضر والمستقبل، لذلك يجب أن يتم تغيير الوضع الحالي عاجلاً، وعلينا جميعاً أن نتقبل ونتحمل تكلفة هذا التغيير لحياة أفضل إن شاء الله.