ماذا يعني تراجع الودائع تحت الطلب

03/03/2016 3
علي بن حسن التواتي

بالرغم من ارتفاع قيمة إجمالي الودائع لدى البنوك السعودية بنسبة ضئيلة (1%) للعام 2015، إلا أن مسحا أجراه موقع «أرقام» الاقتصادي أظهر أن الودائع «تحت الطلب» قد انخفضت كقيمة مطلقة لتصل إلى 1038.8 مليار ريال وتشكل نحو 63% من إجمالي الودائع كنسبة مئوية لدى البنوك السعودية للعام 2015.

والودائع تحت الطلب هي أقرب أشكال الودائع النقدية للسيولة لسهولة الحصول عليها أو تحويلها من الحسابات البنكية الجارية بوسائل إلكترونية ويدوية متعددة.

وهي بذلك تكسر اتجاها تصاعديا ابتدأ منذ أيام الأزمة الاقتصادية عام 2008 بقيمة وصلت إلى 368.5 مليار ريال شكلت ما نسبته 40% من إجمالي الودائع حينها لتبلغ ذروة التصاعد بقيمة (1035.2) مليار دولار تشكل نسبة (64%) من إجمالي الودائع سنة 2014.

وبنسبة نمو وصلت إلى 1.85% أي ما يقرب من مرتين تقريبا لفترة السنوات الست وبمتوسط نمو سنوي مقداره 31%.

ويمكن النظر لنسبة الودائع تحت الطلب من إجمالي الودائع البنكية كمؤشر مبدئي للسيولة المتوفرة لدى البنوك السعودية، فكلما زادت كانت السيولة أكبر وإذا ما نقصت كانت السيولة أقل. ولذلك يمكن القول بنظرة أولية أن أقل البنوك سيولة في المملكة مرتبة من الأقل للأكثر هي الاستثمار، الهولندي، الرياض، العربي والجزيرة. أما أكثرها سيولة مرتبة من الأكثر للأقل فهي الراجحي، الأهلي، البلاد، الفرنسي، سامبا، ساب والإنماء.

ونهتم بالودائع تحت الطلب أو بالحسابات الجارية ارتفاعا وانخفاضا لتأثيرها المباشر على حجم عرض النقود بمفهومه الضيق فهذا الحجم من النقود يعرف أيضا بمسمى نقد العمليات الجارية حيث تشكل الحسابات الجارية ما يزيد على 50% منه أما الباقي فمن العملات الورقية والمعدنية التي يتداولها الأشخاص في تعاملاتهم اليومية أي النقود المتداولة.

وتعزز بيانات مسح موقع «أرقام» بيانات مؤسسة النقد التي أظهرت مسارا متذبذبا هابطا لمعدل عرض النقود منذ نوفمبر 2014 حيث كانت قيمته 12.3 ليصل إلى 3.7 في يناير 2016 ما دفع بمؤسسة النقد العربي السعودي لرفع معدل القروض لإجمالي الودائع البنكية من 85% إلى 90% لتمكين النظام المصرفي من الاستجابة لاحتياجاته من السيولة.

ولكن بحسب تصريح للدكتور سعيد الشيخ كبير اقتصاديي البنك الأهلي التجاري فإن هذا المعدل أيضا يعتبر صغيرا مقارنة بنظيره في دول الخليج حيث إنه تعدى١٠٠%‏ في قطر على سبيل المثال بمعنى أن الدولة هناك تدعم المصارف في توفير معدلات عالية من السيولة.

ومعلوم أن النظام المصرفي السعودي افتقر للسيولة الكافية بسبب تحفظ الدولة في الإنفاق ولجوئها للاستدانة من البنوك المحلية بإصدار سندات لتمويل العجز الذي بلغ نحو ١٠٠ مليار دولار في ميزانية ٢٠١٥.

ولقد انعكس هذا النقص في السيولة على ارتفاع سعر فائدة الإقراض بين البنوك نفسها داخل النظام المصرفي على أساس ربع سنوي إلى ١.٧٥%‏ من ٠.٨%‏ عام٢٠١٥.

وتأتي أهمية السيولة في أنها عند زيادتها قد تؤدي لنزعات تضخمية وعند نقصها فترة طويلة تؤدي لانكماش في الاقتصاد وربما تدخل الاقتصاد في ركود وتؤثر على نموه.

ولذلك فإن الموازنة داخل الاقتصاد بين الجانب السلعي والخدماتي والجانب النقدي اللازم لإجراء التبادلات مهم للغاية، والواضح حتى الآن أن إدارة الاقتصاد السعودي تقوم على التطرف في عرض النقود أو سحبها من التداول ما يتطلب ضرورة العمل على سياسات أكثر توازنا لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها.

نقلا عن عكاظ