نطالع الظهور الإعلامي المتكرر للمسؤولين الخليجيين في المحافل والمناسبات المحلية والدولية، وهم يطلقون إشارات بليغة على ضخامة حجم الاستثمارات الحكومية في مجال تحلية المياه المالحة. وأخرى عن خطط مستقبلية لإنفاق المزيد من الأموال على مشاريع التحلية.. لتغطية النقص الحاصل ولتلبية الحاجة الماسة للطلب المتزايد على المياه، واستجابة لاحتياجات النمو السكاني. كما تتحدث عن ذلك المراكز المتخصصة محليا ودوليا، من خلال ما ترصده من تقارير (مؤيدة بالأرقام). وكلها تؤكد ضخامة ما تنفقه دول الشرق الأوسط (وبالأخص دول مجلس التعاون) في هذا المجال.
فطبقا لتقرير أصدرته مؤخرا شركة «المركز المالي الكويتي» فإن دول الشرق الأوسط من أفقر مناطق العالم بالماء، وحجم مصادر المياه العذبة فيها يقترب من الصفر! وعلى الرغم من ضخامة التعداد السكاني في هذه البقعة من العالم، الذي يقارب 6 في المائة من إجمالي عدد سكان العالم، فإن مصادر المياه المتوافرة في هذه المنطقة تساوي أقل من 1 في المائة من إجمالي المياه العذبة المتوفرة على سطح الكرة الأرضية. علاوة على أن معدل نمو سكان المنطقة يُعد من أكبر المعدلات في العالم؛ إذ وصل معدل نمو دول الشرق الأوسط السنوي المركب لعشر سنوات إلى 3 في المائة (حتى 2010)، بينما انخفض النمو السكاني العالمي إلى 1.1 في المائة في 2011. وفي دول مجلس التعاون العربية يُعد استهلاك المياه بين أعلى المستويات في العالم. حيث يبلغ متوسط استهلاك المياه يوميا في السعودية 250 لترا، وهو وضع مماثل في دول خليجية أخرى أيضا! وفي دراسة أخيرة صدرت عن مؤسسة «مابلكروفت»، صنفت البحرين وقطر والكويت والسعودية بين أكثر الدول التي تعاني ضغوطا في المياه، إذ تُعد حصة الفرد من المياه المتوافرة في هذه الدول الأقل مقارنة بغيرها. وتُشغل السعودية 30 مصنع تحلية وتنتج 24 مليون متر مكعب يوميا. ويشكل إنتاج السعودية من المياه المحلاة (حاليا) 18.1 في المائة من الإنتاج العالمي، مما يجعلها أكبر منتج في العالم على الإطلاق دون منازع. وقد أنفقت السعودية خلال عشرة أعوام «400» مليار ريال على التحلية! لكن المفارقة هنا.. أنه مع كل هذه الأرقام لا يوجد تحرك يتناسب وأهمية وخطورة الوضع. بل إن الملاحظ على المسؤولين وهم يتحدثون عن تكاليف المشاريع التي تُعتمد وكأنها مؤشر إيجابي (أو سر نجاح!). مع أنني أعتبرها مؤشرات فشل ينبغي التوقف عندها. نحن نعلم أن المياه حاجة ضرورية لحياة البشر وكل كائن حي، ونعلم أن الحكومات تبذل جهودا لتوفير هذه الخدمة، ونعلم أنه على الرغم من توفير هذه المقادير الضخمة من المياه المحلاة، فإنه توجد خطط مستقبلية لتوفير المزيد لسد النقص الحاصل حاليا.. لكن السؤال الذي ينبغي التوقف عنده هو: ماذا صنعت دول الشرق الأوسط، وبالأخص مجلس التعاون، لخفض اعتمادات ميزانيات المياه المحلاة؟! وهل قامت هذه الدول بإنشاء مركز أبحاث يعمل على دراسة سبل تخفيض تكلفة المياه؟! وهل الاستهلاك الحالي من المياه لا يمكن تخفيضه بنسب وأرقام تعادل مليارات الدولارات؟! الإجابة نعم. ولكن ليس هناك اكتراث بهذا المدخل! وفي تقديري، فإن المشكلة تكمن في أن واقع سلوك الإدارات الحكومية المعنية أنها تحبذ التوقف عند الصرف على المشاريع الجديدة، لأنها مهمة أسهل من العمل على التوفير أو الترشيد في الاستهلاك.
مبذرين
يجب وقف الاعانات الان , و تخصيص شركة الماء
شكرا على المقال . لكن اؤكد لك بشكل مطلق اننا لا نعرف المشكله ولا حجمها الا بعد وقوعها !! واكبر دليل على ذلك انظر الى توجيهات المسئولين ( عاجل جدا وهام ) انظر الى الشوارع والطرقات وتصريف السيول لم تنشا على بعد الكوارث . كوارث غرق كوارث ازدحام مروري . جسر الجمرات لم ينشا الا بعد كارثه . نحن لا نستيقض الا على كارثه وبعدها نرجع لننام ثم نصحو وهكذا .
انا ارى ان الحلو المناسب استخدام الطاقه النوويه فى تحليه مياه البحر وتصدير الطاقه الكهربائيه الفائضه الى دول الجوار