إن ما أريد عرضة هو إظهار الفجوة الكبيرة بين العرض و الطلب في صناعة التمويل الأصغر العربية و توضيح أن الطلب يفوق الكثير جدا للعرض المطروح و أيضا أريد حث رؤوس الاموال العربية الخاصة (ملكية عائلات أو اشخاص) للإستثمار في صناعة التمويل الأصغر لما لها من أهداف إجتماعية جليلة و هي أيضا صناعة مربحه ، و الاستثمار الاجتماعي ليس جديد علي رؤوس الاموال الخاصة في الوطن العربي فيوجد منظمتين كبيرتين في هذا الصدد و هما أجفند و جرامين جميل و في الآتي عرض لتوضيح دور هذين المؤسستين :-
مؤسستى الدعم اجفند و جرامين :-
برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) منظمة إقليميه تنمويه مانحه ، تدير أعمالها من مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية التي تتخذها الإدارة التنفيذية مقراً. أنشىء أجفند عام 1980م بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز وبدعم وتأييد من قادة دول مجلس التعاون الخليجي ( دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر، ودولة الكويت) بادرت أجفند بتأسيس عدد من المشاريع الكبرى التي تم اختيارها بعناية تامة وبعد دراسة متأنية، باعتبارها مشاريع رائدة وحيوية تعنى بالمفاصل الأساسية للتنمية البشرية وتخدم الأهداف الاستراتيجية لأجفند. وقد تم تنفيذ هذه المشاريع في عدد من الدول العربية والنامية ويتواصل تنفيذها في دول عربية ونامية أخرى. وهذه المشاريع تشمل مشروع بنوك الفقراء، ومشروع تنمية وتطوير الطفولة المبكرة ، ومشروع الجامعة العربية المفتوحة.
تأسست جرامين جميل في عام 2003 وأدرجت في عام 2007 كمشروع مشترك بين مؤسسة جرامين ومؤسسة عبد اللطيف جميل ، وهي شركة تابعة لمجموعة عبد اللطيف جميل و هي تعمل علي التخفيف من حدة الفقر من خلال توفير المساعدة التقنية والمالية لمؤسسات التمويل الصغير و في شهر نوفمبر 2010 إستطاعت جرامين جميل توفير ضمانات مالية لأكثر من 24 مليون دولار أمريكي والتي سهلت التمويل لمؤسسات التمويل الأصغر بحوالي 53 مليون دولار أمريكي و انتفع بهذا التمويل ما يقرب من 520000 عميل من خلال مؤسسات التمويل الأصغر في منطقة الشرق الأوسط و جرامين جميل تعمل في تسعة بلدان و هي مصر والأردن ، لبنان ، المغرب ، فلسطين ، سوريا ، تونس ، تركيا ، واليمن.
فجوة التغطية و عرض مصادر التمويل :-
حسب ما جاء بتقرير ميكس 2010 لمقارنة و تحليل الأداء للتمويل الأصغر في الوطن العربي و التقرير العربي الإقليمي لشبكة سنابل لعام 2010 :-
استناداً إلى بيانات سنابل عن انتشار التمويل الأصغر لعام 2009 ، توجد فجوة في التغطية قيمتها 19 مليون مقترض تقريباً مما يستلزم ضخ 17 مليار دولار أمريكي في محفظة القروض الإجمالية .
إعتمدت مؤسسات التمويل الأصغر منذ إنشائها علي المنح و التبرعات كمصدر تمويل رئيسي لها و ظل الوضع هكذا حتي نهاية عام 2008 حيث إستطاعت مؤسسات التمويل الأصغر العربية زيادة التمويل من خلال الديون التجارية ففي المغرب مثلا كانت البنوك التجارية نصيرا هاما للصناعة حيث تتيح القروض بالعملة المحلية للمؤسسات بشروط وآجال سداد متنوعة ، مما أسهم في إنجاز معدلات نمو مبهرة ، و في مصر إنخرطت البنوك التجارية المصرية مؤخرا في تمويل قطاع التمويل الأصغر عن طريق تقديم الائتمان مضمون بودائع دولارية و لإن أغلب مؤسسات التمويل الأصغر المصرية هي مؤسسات غير حكومية و في شكل جمعيات أهلية فقد اقتصر تمويلها التجاري على خطوط ائتمان قليلة مضمونة بودائع نقدية حيث ان القانون يفرض قيوداً على استخدام أصول المنظمات غير الحكومية كضمانات للحصول علي قروض ، مصر و المغرب يعتبران أكبر سوقان لصناعة التمويل الأصغر العربي حيث أن مصر والمغرب يمثل محفظة مجمعه 76% من إجمالي عدد عملاء التمويل الأصغر العربي و62 % من إجمالي المحفظة ، بينما تحصل دول مثل العراق وفلسطين على معظم تمويلها من مصادر خارجية ، فإن دولاً أخرى مثل اليمن تحصل على الجزء الأكبر من تمويلها من المصادر المحلية .
و في عام 2009 وصل إجمالي تمويل مؤسسات التمويل الأصغر التي تضمنها تقرير الأداء المقارن إلى 794 مليون دولاراً أمريكياً شكلت المؤسسات المالية المصدر الأساسي للتمويل بإجمالي 285 مليون دولار و قدم الاموال المخصصة للمنطقة 21 ممولا عاما ( وكالات ثنائية و متعددة الأطراف و مؤسسات تمويل انمائى ) و فقط ثمانية ممولين خاصين و 16 وسيط استثمار و هذا أقل عدد من الممولين و الوسطاء بالمقارنة مع باقي العالم في حين أن التمويل من القطاع الخاص لا يمثل سوي 13 % من مجموع الإلتزامات الي المنطقة ، كما يلعب الممولون المحليون دوراً رئيسياً في قطاع التمويل الأصغر بتوفير 75% من التمويل بفضل المشاركة الفعالة للبنوك المحلية. تتركز غالبية التمويل المحلي في عدد قليل من مؤسسات التمويل الناضجة نسبياً في المغرب ومصر و بصفة عامة تتسم مساهمات مصادر التمويل الخارجي في القطاع بالتواضع الشديد، حيث لا تتجاوز 25% فقط من إجمالي التمويل غير أن هذه النسبة تتفاوت تفاوتا كبيراً بين دول المنطقة .
الإستثمار في صناعة التمويل الأصغر العربية :-
و عند سؤال الأستاذه رانيا عبد الباقي المدير التنفيذي لشبكة سنابل في حوار لها مع بوابة التمويل الأصغر الإنجليزية عن قطاع التمويل الأصغر العربي الذي لا يتلقى سوى القليل للغاية من التمويل الخارجي ولم يصل إلا إلى جزء ضئيل من السوق المتوقعة أجابت سيادتها ( كانت البيئة التشريعية في كثير من بلدان المنطقة عائقاً، فلو نظرنا إلى بيانات سوق تبادل المعلومات (مكس) بالنسبة لأسهم السوق الإقليمية على سبيل المثال سنرى أن إجمالي عدد مؤسسات التمويل الأصغر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو 55 مؤسسة، وإذا ما قورن هذا الرقم بعدد المؤسسات في أمريكا اللاتينية وآسيا فسنجده 278، و347 على التوالي، ونظراً لانخفاض إجمالي عدد مؤسسات التمويل الأصغر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهناك في المقابل عدد أقل من المؤسسات في المستوى 1 الذي يستهدفه المستثمرون، لهذا فإن التمويل القليل الذي يأتي إلى القطاع معظمه يذهب إلى عدد محدود من اللاعبين في أسواق قليلة، في حين أن من في المستوى 2 الواعد، قد لا يحصلون على الكثير من التمويل المطلوب، ولكني أود أن أقول أن هناك تصور عام خاطئ عن أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متجانسة ولها نفس الخواص على الرغم من أن هناك الكثير من الاختلافات في القطاع من بلد لآخر ) .
وسؤالها عن مستقبل استثمار رأس المال الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا اجابت سيادتها
( هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي ظهر خطأها بسهولة من خلال البيانات المتاحة عن القطاع، فهناك فرصة كبيرة، ولكن الحاجة إلى رأس المال الصبور، ورأس المال هذا يجب أن يكون مصحوباً بالدعم الفني أيضاً. فالتغيير لا يحدث بين عشية وضحاها ولكن بالنسبة للمستثمرين يحتاج الأمر إلى مدى زمني رحب ومزيد من تحمل المخاطر. هناك فرص هائلة متوفرة في القطاع )
و أخيراً إن ما أدعوا إلية هو أن يلتفت أصحاب رؤوس الأموال العربية و التي نسمع أنهم سوف يستثمرون في شراء بعض النوادي الرياضية الأوربية بمليارات الدولارات أو يستثمرون في مشروعات و بنوك عالمية الي النظر مرة أخري في أي مكان يضعون رؤوس أموالهم ففقراء العرب هم الأحق بتلك الأستثمارات .