الريال السعودي ... الكارثة القادمة!

22/06/2011 23
عصام الصالح

كلنا لاحظنا في الفترة الأخيرة إعلانات البنوك التي خفضت سعر الفائدة على الاقتراض. ولكن هل تساءلت لماذا تفعل البنوك هذا، ولماذا الآن بالذات؟ ببساطة لأن مؤسسة النقد خفضت بدورها سعر الفائدة. ولكن قبل ذلك ما هو سعر الفائدة؟ سعر الفائدة هو الأداة التي تستخدمها البنوك المركزية في دولة ما للتحكم في الإنفاق؛ فإذا أرادت الحكومة أن تحث الناس على الإنفاق خفضت سعر الفائدة لأن الناس سيقترضون أكثر وبالتالي ينفقون أكثر، والعكس صحيح فعند ارتفاع سعر الفائدة سينصرف الناس عن الاقتراض ويميلون للادخار.

هذه ليست نهاية القصة، فسعر الفائدة المنخفض سيقود للتضخم والتضخم كما تعرفون هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات نظراً لتوفر السيولة في الأسواق.

- سعر فائدة منخفض > اقتراض أكثر > إنفاق أكثر > توفر سيولة أكثر > تضخم (ارتفاع الأسعار) ..

- سعر فائدة مرتفع > اقتراض أقل > إنفاق أقل > توفر سيولة أقل > انكماش (انخفاض الأسعار) ..

ولكن ما علاقة كل هذا بالريال السعودي؟ نظراً لاتخاذ حكومتنا الرشيدة قراراً بربط الريال السعودي بالدولار فإن الاقتصاد السعودي مربوط من عنقه بالاقتصاد الأمريكي؛ فإذا خفضت الولايات المتحدة سعر الفائدة يجب علينا أن نخفض سعر الفائدة وحتى ولو لم نكن بحاجة لذلك.

ما السبب وراء خفض سعر الفائدة في الولايات المتحدة؟ السبب وراء خفض الحكومة الأمريكية سعر الفائدة هو دفع المستهلكين للإنفاق وهذا سيؤدي بدوره لنمو الاقتصاد الأمريكي الذي خرج لتوه من أكبر أزمة في تاريخه منذ الكساد العظيم.

أما السبب في السعودية فهو ارتباط الريال بالدولار فقط لا غير. فالسعودية ليست بحاجة للنمو لأن اقتصادها قائم على سلعة رئيسية ونظراً لأن هذه السلعة مورد طبيعي غير متجدد فإن من الطبيعي أن يرتفع سعرها، وفي ظل ارتفاع سعر النفط فإن الاقتصاد بحاجة للانكماش للسيطرة على التضخم الهائل الذي بدأ يتصاعد منذ عام 2001 بمعدل متوسط قدره 4٪. هذا يعني أن الريال فقد 40٪ تقريباً من قوته الشرائية والعد مستمر، بعبارة أخرى لو كان لديك في البنك 100000 ريال في عام 2002 فإن قيمتها الحقيقية الآن 60000 لأنها ستشتري لك نفس ما كانت ستشتريه لك الـ 100000 في تلك الفترة.

الكارثة القادمة

تقترض الولايات المتحدة يومياً أكثر من ثلاثة مليار دولار حتى وصل دينها إلي ما يقارب 14.9 ألف مليار حالياً. وهي تقترض هذه المبالغ على شكل سندات تصدرها الحكومة الأمريكية للدول الأجنبية وتعد بفائدة على هذه السندات ولأن فائدة هذه السندات تتزايد فإن الفوائد فقط ستشكل أكثر من 50٪ من الدين العام بعد خمس سنوات تقريباً. هذا يعني شيئين؛ أولاً انخفاض سعر الدولار لسببين؛ الأول لأن المعروض منه كثير، والثاني لأن الحكومة الأمريكية تطبعه بناء على السندات التي تتزايد فوائدها وتنقص قيمها الحقيقية وبالتالي تنقص قيمة الدولار المغطى بهذه السندات، وهذا ما يحصل الآن فالدولار في انخفاض مستمر وكذلك الريال، ثانياً وصول الولايات المتحدة إلى مرحلة يدرك فيها العالم عجزها عن الوفاء بهذه الديون وبالتالي العزوف عن شراء هذه السندات (ما تشاهده من ارتفاع سعر الذهب هو أحد بوادر العزوف عن السندات والدولارات الأمريكية والإقبال على الذهب من قبل الدول والأفراد وخاصة الصين)، هذا سيؤدي بدوره إلى انهيار الدولار حتمياً وبالتالي انهيار كل العملات المرتبطة به كالريال وكل الاقتصاديات المرتبطة به كالاقتصاد السعودي. وهذا أمر مؤكد عند كل الاقتصاديين غير المسيسين وتحذر منه النخب الأمريكية منذ 2001 وحتى الآن.

الحل

بالنسبة لأمريكا لا يوجد حل فقد تجاوزوا مرحلة الحلول وعليهم مواجهة مصيرهم ودفع ثمن استهلاكهم الهائل. أما بالنسبة لنا:

الحل المؤقت: رفع سعر الريال أمام الدولار ليصبح 3،00.

الحل الدائم: فك ارتباط الريال بالدولار وتسعير النفط بالريال.

وأنت تعلم أن الحكومة السعودية لن تتخذ أي من الحلين، .إذن ما الحل؟ هل تضع يدك على خدك وتشاهد مدخراتك وأموالك تتآكل أمام عينيك؟ أم تقوم بمظاهرة للمطالبة بإصلاح النظام الاقتصادي؟ أعلم أنك تكره الأول وتخاف من الثاني.

ولكن لحسن الحظ هناك حل ثالث يضمن أموالك ولا يعرضك لرجال المباحث. وهو ببساطة أن تقفز من القارب. كييييييييف؟ هذا ما سنتناوله في المقال القادم.