شيخنا الكبير ابن منيع والمفاجأة!

03/11/2010 40
محمد العمران

في الأسبوع الماضي، تلقيت دعوة كريمة من نادي ''الاقتصادية الصحفي'' مع بعض الإخوة الزملاء من كتاب صحيفة ''الاقتصادية'' لحضور لقاء مع فضيلة الشيخ المحبوب عبد الله بن منيع؛ للحديث عن المصرفية الإسلامية وكل ما يتعلق بها، خصوصا أن لشيخنا الجليل خبرات كبيرة وإسهامات بارزة في تطوير المصرفية الإسلامية بين المصارف التجارية والمصارف الاستثمارية لسنوات طويلة، إضافة إلى كونه عضوا في هيئة كبار العلماء وعديد من النشاطات والفعاليات الإسلامية.

في البداية، تحدث شيخنا الكبير عن تحريم الربا باعتباره أحد كبائر الذنوب، بل إن الله ـــ عز وجل ـــ خصَّه عن بقية الكبائر بإعلان الحرب؛ للدلالة على عظم تحريم الربا. وعندما جاء دور أسئلة الحضور، سألت الشيخ ابن منيع عن رأيه في قيام بعض المصارف الربوية بجمع الأموال على أنها للاستثمار في عقود المرابحة الإسلامية، ثم يتم استثمارها في خزانة المصرف على شكل ودائع ربوية صريحة؟ وهل هذا غش وتدليس على العملاء والهيئات الشرعية في رأيه؟ وكانت الإجابة بمثابة المفاجأة بالنسبة لي ولبعض الإخوة الحضور، حيث قال فضيلته: ''إن ذلك جائز شرعا''، وطالبني بعدم الخوض في مثل هذه التجاوزات البسيطة ـــ بحسب رأيه!!

كردة فعل أولية، قلت في نفسي لا بد أن شيخنا الكبير لم يفهم السؤال جيدا، وكنت قد عقدت النية أن أعيد السؤال بطريقة أخرى لإبراء ذمة الشيخ على أقل تقدير (بحسب وجهة نظري)، لكن أحد الإخوة سبقني في ذلك وقال لشيخنا الجليل: يا شيخ أنا كنت في يوم من الأيام مسؤولا عن الخزانة في أحد المصارف الربوية، وكنا نجمع الأموال من العملاء على أنها للاستثمار في المرابحات الإسلامية، ثم نقوم بخلطها مع الأموال الربوية، ثم نستثمرها جميعا بطريقة ربوية فما رأيكم يا شيخ؟ وكانت إجابة شيخنا تكرارا لما قاله لي، حيث شدد فضيلته على جواز ذلك واستشهد بحديث عن المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ لأول مرة أسمعه (حديث الصدقة التي وردت إلى جارية أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ).

لا شك أن شيخنا الجليل أعلم منا جميعا في مثل هذه الأمور ويعي تماما ما يقول، لكن من حقنا أن نتساءل: لماذا لا يتم الإعلان عن مثل هذه الفتاوى في وسائل الإعلام المختلفة؛ حتى نستفيد منها طالما أنها جائزة شرعا؟ ولماذا لا تقوم المصارف الربوية بالإعلان عن ذلك طالما أن هناك من يجيز لهم فعل ذلك؛ حتى يعرف العملاء الآلية التي تدار بها أموالهم؟ ولماذا تنكر المصارف فعل ذلك من الأساس؟ والمهم ما رأي بقية علمائنا الكبار ـــ جزاهم الله خيرا ـــ في هذا الموضوع، خصوصا أننا نتحدث عن قضية حساسة وخطيرة لا يمكن الوقوف أمامها موقف الحياد: فإما التأكيد على شرعية ذلك وإما التأكيد على تحريمه؟