مخالفات محاسبية .... ( 2 ) .... الشركة السعودية للصناعات المتطورة

03/07/2010 14
سلمان بن ناصرالهواوي

مقدمة.... في هذه السلسة من المواضيع التي سيتم طرحها تباعاً سنوضح بعض المخالفات المحاسبية في القوائم المالية السنوية أو القوائم المالية الأولية للشركات المدرجة بالسوق المالية السعودية سواء كانت مخالفات مقصودة (لغرض التضليل أو اخفاء معلومات جوهرية عن قراء القوائم المالية)أو غير مقصودة (جهلاً من إدارة الشركة في التطبيق الصحيح لمعايير المحاسبة) وستكون هذه المقدمة مدرجة بأي موضوع لاحق من هذه السلسلة لأننا وكما اسلفت نتطرق لشركات مدرجة يجب أن تلتزم بقواعد التسجيل والإدراج الصادرة عن هيئة السوق المالية، وبما أن الفقرتين ( د، هـ ) من المادة السادسة والعشرون من قواعد التسجيل والإدراج أوجبتا على مصدر الأوراق المالية المتداولة أن يزود الهيئة ويعلن للمساهمين عن القوائم المالية الأولية أو السنوية التي يجب أن تعد وفقاً لمعايير المحاسبة الصادرة عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وهذا يعني أنه يجب على الشركات المدرجة بالسوق المالية اتباع معايير المحاسبة الصادرة عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين مالم يصدر استثناء في ذلك كما هوحاصل في قطاعي المصارف والخدمات المالية وقطاع التأمين والتي تطبق معايير المحاسبة الدولية وفقاً لمتطلبات مؤسسة النقد المشرفة على تنظيم هذين النشاطين في المملكة بعد سماح هيئة السوق المالية بذلك مع اشتراطها لتوضيح أي فروقات جوهرية على القوائم المالية عند عدم تطبيق معايير المحاسبة السعودية.

والآن دعونا نستعرض موضوعنا اليوم.... نصت الفقرة رقم ( 104 ) من معيار الإيرادات الصادر عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين على"يهدف هذا المعيار إلى تحديد متطلبات قياس وإثبات الإيرادات من العمليات الرئيسة المستمرة للمنشأة، وعرضها والإفصاح عنها بحيث تظهر القوائم المالية بعدل المركز المالي للمنشأة ونتائج أعمالها".... وهذا يعني ان هذا المعيار يحدد متطلبات القياس والعرض والإفصاح  لإيرادات المنشأة الهادفة للربح من نشاطها الرئيس التي أنشئت المنشأة من أجلة. كما نصت الفقرة رقم ( 118 ) من ذات المعيار على "تعرض الإيرادات من العمليات الرئيسية للمنشأة في بند مستقل في قائمة الدخل ضمن نتائج العمليات المستمرة للمنشأة".... وهذا يعني أن إيرادات المنشأة من نشاطها الرئيس يجب أن تعرض كبند مستقبل في صلب قائمة الدخل للفترة المالية. كما نصت الفقرة رقم ( 121 ) من ذات المعيار على "يجب الإفصاح عن تفاصيل الإيرادات وفقا للأنشطة الرئيسة للمنشأة مع الأخذ في الاعتبار أن يتاح لمستخدمي التقارير المالية فرصة تقييم تأثير هذه الأنشطة على القوائم المالية".... وهذا يعني أنه يجب تقديم معلومات إضافية في الملاحظات المرفقة بالقوائم المالية تفيد قراء تلك القوائم في فهم وتقيّيم أثر إيرادات المنشأة المختلفة من الأنشطة الرئيسية على ربحية المنشأة. كما نصت الفقرة رقم ( 124 ) من ذات المعيار على "عرف بيان مفاهيم المحاسبة الإيراد بأنه زيادة في أحد أو بعض عناصر الأصول أو نقص في أحد أو بعض عناصر الخصوم نتيجة إنتاج أو بيع السلع والبضائع أو تقديم الخدمات أو السماح للغير باستخدام أصول المنشأة أو القيام بأي أنشطة أخرى تمثل في مجموعها العمليات الرئيسية المستمرة للوحدة المحاسبية".... وهذا يعني أن هناك عمليات أخرى غيرالمنصوص عليها بتعريف إيراد النشاط الرئيس تدخل ضمن نشاط المنشأة الهادفة للربح مثل نشاط الاستثمار إشير إليها بنص الفقرة بالأنشطة الأخرى التي تمثل العمليات الرئيسية المستمرة للوحدة المحاسبية. كما نصت الفقرة رقم ( 1 ) من الفقرة ( 610 ) التي تبين كيفية عرض المعلومات في قائمة الدخل من معيار العرض والإفصاح العام الصادر عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين على "ينبغي أن تظهر نتائج أعمال الوحدة المحاسبية في قائمة متعددة المراحل بحيث تبين المكونات الوسيطة لصافي الدخل".... وهذا يعني أن عرض المعلومات في قائمة الدخل ينبغي أن يوضح من أين أتى رقم صافي نتائج أعمال المنشأة للفترة المالية. كما نصت الفقرة رقم ( 2- أ ) من الفقرة ( 611 ) من معيار العرض والإفصاح أيضاً على " ينبغي أن تبرز نتائج الأنشطة المستمرة كلاً مما يأتي في أجزاء مستقلة: أ - نتائج الأعمال المتعلقة بالأنشطة الرئيسية للوحدة المحاسبية، ب-  نتائج عمليات الوحدة المحاسبية العرضية أو الفرعية مع الوحدات المحاسبية الأخرى والأحداث والظروف الأخرى التي تؤثر عليها".... وهذا يعني أن عرض المعلومات في قائمة الدخل ينبغي أن يفصل تأثير العمليات العرضية على ربحية المنشأة عن ربحية المنشأة من أنشطتها الرئيسة. كما نصت الفقرة ( 615 ) من معيار العرض والإفصاح أيضاً على "يجب إظهار البنود التالية - كل كبند مستقل - في صلب قائمة الدخل كجزء من نتائج العمليات المستمرة للوحدة المحاسبية وحسب الترتيب التالي:

أ- صافي المبيعات ( أو صافي الإيرادات) من العمليات الرئيسية.

ب - تكلفة  المبيعات ( أو تكلفة الحصول على الإيرادات ).

ج- إجمالي الربح ( الفرق بين صافي المبيعات وتكلفة المبيعات).

د- مصروفات التشغيل التي ترتبط بعمليات الوحدة المحاسبية الرئيسية مع إظهار كل من مصروفات البيع والمصروفات الإدارية والعمومية كبنود منفصلة.

هـ- الدخل من العمليات الرئيسية المستمرة ( أي الفرق بين إجمالي الربح ومصروفات التشغيل ).

و- الإيرادات أو المكاسب أو الخسائر الأخرى ذات الأهمية النسبية -  سواء أكانت مفردة أو مجتمعة - الناتجة من العمليات العرضية والفرعية للوحدة المحاسبية مع الوحدات الأخرى وتأثير الظروف والأحداث الأخرى عليها شريطة إلا تكون تلك المكاسب أو الخسائر استثنائية.

ز- الدخل ( أو الخسارة ) من العمليات المستمرة ( أي مجموع كافة البنود والمكونات التي تقدم ذكرها).".... وهذا يعني أن عرض المعلومات في قائمة الدخل يجب أن يتبع ترتيب معين وواضح يفيد قراء القوائم المالية على فهم جودة أرباح المنشأة وهل نتائج أعمالها حققت من أنشطتها الرئيسية أو من العمليات العرضية للمنشأة. ومما سبق يتضح لنا أنه يجب على منشأت الأعمال الهادفة للربح أتباع أسلوب قائمة الدخل متعددة المراحل مهما كان نوع نشاطها التي أنشئت من أجله وهذا الاأسلوب يفصل نتائج عمليات النشاط الرئيسي لها ونتائج العمليات الأخرى العرضية على نشاط المنشأة إلا أن الشركة السعودية للصناعات المتطورة وكما هو واضح في قائمة الدخل لعام 2009م في الصورة رقم ( 1 ) قد أدرجت عوائد الاستثمارات في المرابحات الأسلامية ضمن إجمالي الإيرادات وهذا له تأثير مباشر على نسبة عوائد استثمارات الشركة وخاصة أنها تعمل في قطاع شركات الاستثمار المتعدد لأن إيرادها يتكون من عوائد استثماراتها المالية في الشركات التي تستثمر بها كما يتضح من الصورة رقم ( 2 ) من الملاحظات المرفقة بالقوائم المالية والمتممة لها لعام 2009م والتي توضح نشاط الشركة الرئيسي وكذلك والصورة رقم ( 3 ) من تقرير مجلس الإدارة لعام 2009م الذي يصف النشاط الرئيسي للشركة وكلا الصورتين لم يوضحا أن من أنشطة الشركة السعودية للصناعات المتطورة الاستثمار بالمرابحات الأسلامية وعليه فأن هذا الأستثمار في المرابحات الاسلامية قد حقق إيرادات عرضية للمنشأة لا تدخل ضمن نشاطها الرئيسي ويجب أن تعرض في قائمة الدخل بعد نتائج العمليات المستمرة من نشاط التشغيل لأن عرضها في هذه الطريقة له تأثير جوهري على فهم قراء قوائمها المالية لنتائج أعمالها خلال السنوات المعروضة في قائمة الدخل.

صورة رقم ( 1 )

صورة رقم ( 2 )

صورة رقم ( 3 )

وتعتبر مثل هذا المخالفة تضليل لقراء القوائم المالية عند محاولتهم لمعرفة جودة أرباح الشركة فنجد أن أرباح الشركة في عام 2009م قد تحسنت كثيراً مقارنة بعام 2008م كما هو واضح من الجدول التالي الذي يوضح قائمة الدخل للشركة السعودية للصناعات المتطورة بعد إعادة عرضها وتبويبها لتتوافق مع متطلبات معايير المحاسبة السعودية المذكورة أعلاه فنجد أن أرباح التشغيل في عام 2009م بلغت حوالي 35,3 مليون ريال بينما لم تتجاوز 3,9 مليون ريال عام 2008م لأن أغلب أرباح عام 2008م قد جائت من الأنشطة العرضية للشركة والمتمثلة في عوائد الاستثمارات في المرابحات الإسلامية.

وأخيراً .... أنا كنت قد حظرت الجمعية العمومية للشركة التي عقدت في 27 أبريل 2010م كوني أحد حملة الأسهم في ذلك الوقت وقد ناقشت هذا الموضوع مع إدارة الشركة ومع مراجع الحسابات ( بودي والعمر محاسبون قانونيون ) وقد أبدت إدارة الشركة مشكورة تفهمها لهذه الإشكالية كما أنها طلبت من مساهميها تقديم أي ملاحظات تنعكس على تطوير جودة مستوى القوائم المالية. إلا أنه ومع الأسف فأن مراجع الحسابات لم يكن ذو مقدرة كافية للتأثير على إدارة الشركة بتعديل عرض قائمة الدخل فقد أصدر تقريره بأنها تتفق مع نظام الشركات والنظام الأساسي للشركة فيما يتعلق بإعداد وعرض القوائم المالية وأنها تظهر بعدل من كافة النواحي الجوهرية مركز الشركة المالي ونتائج أعمالها وتدفقاتها النقدية وفقاً لمعايير المحاسبة السعودية إلا أن توصية لجنة المراجعة بتغيير مراجع الحسابات أثلجت صدري كثيراً.

وختاماً .... هذه وجهة نظر لا تمثل إلا رأي كاتبها الشخصي ولا يعتد بها كتوصية بالبيع أو الشراء تحت أي ظرف.